-
ليس للخوف أن ينتصر
أصرّ مدربي يوم أمس على حضوري مبكرةً، تأخرت لربع ساعة كنت أقيس فيها الأبوات وأجهز ما ناسبني منها.. وعندما وصلت عرّفته على أختي الصغيرة، وصديقتها، بأنهم “خواتي الصغار”، مثلما أعرّف عن جمع بنات عمّي وأخواتي بأنهم “خواتي”، وأظن أن كل مدربي النادي يعتقدون أن عدد أخواتي يتجاوز العشرة.. قلت له في بداية حديثنا عن حصة […]
-
نصائح محام؛ وانتهاكات بالجُملة
كنت في العشرين من عمري عندما بدأت أخطو أولى خطواتي في المِهَن القانونية، وكانت مكاتب المحاماة وحدها المفتوحة أمام طالبة لم تنهِ إلا سنة واحدة من دراسة القانون.. كان جميع المحامين بلا استثناء يرددون عبارات يعتبرونها جزءاً من دستورهم في المهنة، منها: “عميلك هو عدوك الأول”، “لا تصدّق عمليك ولا تثق به”… وإلى آخر ذلك […]
-
في جمال الشعر النبطي
نادراً ما كان يجذبني الشعر النبطي حتى كبرت قليلاً وهِمت مع الشعر الغنائي وكانت الأغنية الخليجية هي أكثر ما يثير حزني لفرط قربها منّي أتذكر في ليالي الشتاء قول الراحل فائق عبد الجليل “كنت آمن بالقدر.. بالقدر يومه عطاني شوفتي لك بالعمر.. يا عمر يكتب لي ثاني”.. أشغل الأغنية، لأغنيها مع رباب.. في كلّ المرات […]
-
بعد أن انقضى الأذان
وصلت المنزل بعد أن انقضى الأذان وانتهى الفطور أكلت شيء سريعاً وها أنا أقف على سجادتي في غرفتيعند نهاية اليوم الطويلأتنفس لأنفض عن صدريغبار العالمحقيقة ومجازاًألوذ بغرفتي فراراً من العالممن كل شيءوما إن أُنهي تمرينيحتى أنظر إلى سقفها بعيني حالمٍ إلى السماءيارب هل من مزيد؟يكتب لي منسّق الناديأن مدربي قرر تبكير الحصةفأشكره، لأني مستعدة الان […]
-
أن تقرأ لنفسك، بلغةٍ لم تكتب بها
أن تقرأ لنفسك بلغة ثانيةهو أمر لم أفكر فيه كثيراًحتى سُئلت من شخص لغته الأم هي الهولنديةعن ميزة الكتابة بالعربيةولماذا تفضلها نوف إلى هذا الحد؟بعد إجابتي التفصيليةعن حبّي للغتي الأموشعوري بأن ما أحكيه فيها هو الحقيقةوما دون ذلك محاولات للوصفأي كان مستوى إجادتي للغةفإنّي أعتبر كل اللغاتمحاولات للتواصلإذا جاء الأمر عند ما أكتبه عن نفسي […]
-
العودة بعد الجُرح
أعود إلى الخيلأعود إلى ركوبها بعبارة أكثر دقة..لأنّي لم أعد إلى ارتباطي بهاحبّي لها وثقتي بها.. وكأنّي حاكم عاد إلى بلدته بعد تعرضه لانقلاب طعناً وغدراًأعود إلى ذات الميدان الذي سقطت فيه بفعل الخيل غير المؤهلةليته كان خطئي لأصححهليتها كانت قفزاتي الأولى في الفروسيةحتى أتذكرها لأضحك عليها لاحقاًلم يكن خطئي وفقدتُ ثقتي بالخيلفقدت ثقتي بطاعتهاباستجابتهاوبهذا […]
-
كتابة الشعور
إن أكبر إساءة للنص الأدبيهي إنشائه بصورة النقيض لمشاعرناخروجه مقيداً بألف قيد يفصله عن الحقيقةوإنّ الغياب عن الكتابةأفضل من كتابة أشياء غير صادقةأن يُناقض ما تقوله ما تشعر بهأن يقف ضدّه وفي وجه صدقه وسلامته..ذلك هو ما يجعل المرء يبتعد عن الكتابةأوقات كثيرةيحاول فيها المحافظة على ما تبقى له من الشعور بالحقيقةحتى لا تدنس كلماته […]
-
غياب التدوين اليومي- التحديات والأسباب
في أول مرةٍ قرأت فيها للأستاذ يونس عمارة، المدوّن الذي عرفته بتدوينه اليومي دون انقطاع منذ ما يزيد عن سنة، قرأت مقالته التي شرح فيها طريقة تجاوزه للمزاجية والانشغال الشديد في رحلته للتدوين لمدة ٧٨٨ يوماً دون انقطاع. لم يشدّني في العنوان لفظ “المزاجية”، لأنّي أعرف نفسي جيداً بأنّي لم أكن يوماً مزاجية ولم أكُن […]
-
انتصار القُبح
يقول فولتير: “اسأل ضفدعاً ما الجمال، سوف يجيب بأنها زوجته الضفدعة بعينيها الدائريتين الكبيرتين الجاحظتين من رأسها الضئيل، عنقها العريض المفلطح، ظهرها البني، اسأل الشيطان سوف يخبرك أن الجمال هو زوجٌ من القرون، أربعة مخالب، وذيل”. عوضاً عن “اختنقت بجرعة زائدة من مادة..” تكون العبارة الأصدق والأكثر قربًا للواقع واتفاقًا معه “اختنقت كرد فعل تحسسي […]
-
مطر على عطشي
إن الغاية من نزول المطر ليست غسل الأرض، إذ لا يغسلماء المطر مركبتي ولا هو يغسل شوارع وطرُقات مدينتي..لكن المطر بالنسبة لي هي لفتة السماء وذكراها لروحيالرحمة التي تنبهت حاجتي لما يغسل هذه الروح من دنس الأيامولا أخالني أحب مطرًا غير مطر الصحراء، الذي لا ينفك يذكر روحي الرحالة بالصحراء الباردة الممطرة.. الغائبة الحاضرة في […]
-
مرسال المراسيل، في بريد بلا أوراق
عرفت كتابة الرسائل متأخراًلم تكن الرسائل سهلة وطيّعةً لي في مراحل عمري المبكرةكانت كتابة المذكرات سهلة ولم تسبب لي المتاعبوكان التدوين فيما بعد هو أكثر ما أحبّ فعله..لم أتعلّم كتابة الرسالة إلا بعدما فاضت مشاعري وحُمِّل صدري بما لم يحتمل..كنت أغنّي مع السيدة فيروزوأنادي مرسال المراسيلالذي كان في مخيّلتي مقصوراً على أهل الضيعة القريبة وربما […]
-
سيرة ذاتية مبتورة الأطراف..
هذه السطور عن شجرة تحلم بكتابة سيرتها الذاتية: لتلك الشجرة جذور قويةضاربة في العمقتحمل كثير مما يحكىويبعث على التأمل وما يزرع الأمل أينما حلّ وارتحل.. تحيط بها القيود من كل الاتجاهات يبتر هذا القيدكل أطرافها ويحاول ذلك القيد حرقَ جذورها وليته يحرقها علناً ويرفض وجودها صراحةً ليته يتحلّى بشجاعة فعل ما يريده بصدق وإيمان ليته […]
-
الخصوصية وكرامتنا الإنسانية
الخصوصية ليست إحدى مُشكِلات الحياة الحديثة، ولم تُخلَق بظهور العالم الرقمي، هي قيمة مُعترف بها منذ زمن ليس قريب باعتبارها حقاً دستورياً، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيمة الدستورية الأهم “كرامة الإنسان”. إن الكرامة الإنسانية هي قيمة إنسانية أصيلة تثبت للإنسان بولادته، وليست مكتسبة أو مرهونة بنظام قانوني، وقد كانت موضوعاً له أهمية في الفلسفة واللاهوت، قبل […]
-
السفر عبر الزمن: إلى ماضٍ سحيق
أسافرُ عبر الزمن في كلِ يوم.. أرفعُ ثيابي المسدلة على قدماي وأمتطي دابّتي ما إن أستمع إلى تلك الحوارات تلك الأفكار البالية والعقلية الرثّة والآمال والأحلام المهترئة حتى يعُودُ بي الزمن إلى الوراء إلى ماضٍ سحيق، ليس بهِ طرق حتى تُصبح منحدرة هو كلّه منحَدَر.. يفاجئني ويربكني هذا الكم من الثبات.. الصمود.. والجمود.. هذا التحجّر، […]
-
حياة الروح: عن الرياضة
لا يسعني المقام اليوم للحديث عن علاقتي بالنشاط البدني، التي ابتدأت في سنّ مبكرة، وتحديداً في الخامسة من عُمري.. أود فقط أن أتذكر دائماً، أنّي أتحرّك لأتنفس، ولا أتنفس لأتحرك.. أتحرك لأفكّر، وأنا التي تعيش لتفكّر.. كان همّي الكبير هو ترجمة مقولة ديكارت الشهيرة “أنا أفكّر إذا أنا موجود” في الوقت الذي كنت أقطع فيه […]
-
عشبة يحييها الصبح: عن صديقتي هيفاء
“كعُشبةٍ يحييها الصُبح ويُبهجها المطر” تصِفُ هيفاء نفسها بهذه الكلمات.. عَرُفتها في نهاية العام ٢٠١٤، كانَ لها صفحةً استثنائيةً.. تفوح من صورها رائحة بخور العيد.. تغمرك نوافذها برائحة الياسمين، وهي تفتح النافذة على صوت فيروز “في باب غرقان بريحة الياسمين”.. تصوّر قهوتها فتأتيني رائحة القهوة كلّما تأمّلتُ صوَرها.. رأيتُ صورةً لمعصمها مع فنجان القهوة، معصماً […]
-
غريزة الشيطان
لم تشعر الملائكة بالغيرة من آدم ولم تبد أي استياء من أمر الرب بالسجود له.من هنا كانت العلاقة بين الملاك و البشرفلا يمكن للملاك أن يحسد البشرالشيطان وحده من يفعل ذلك. – كتبت هذه الكلمات في مذكرتي، ٢٠٠٦. تشترك جميع الكائنات الحيّة في وجود الغرائز.. وإن كان البشر قدّ حدوا من تلك الغرائز وعدّوها خطايا […]
-
يا كروماً لنا حاليات الجنى- تأمّلات في قصيدة
للأخوين الرحباني قصيدة بعنوان “يا كروماً لنا”، غنّتها السيدة فيروز، صحوت باكراً أتأمل كلماتها الآتية: “يا كروماً لنا.. حالياتِ الجنى ضاحكات الشفاة للسلال أنت فوق الذرى.. حلم هذا الثرى واشتياق الشموس للظلال”. “متى يا حبيبي ونحن كروم حنين قطاف هوانا الضنين متى يا حبيبي؟”. “يا حبيبي تعالَ فالخريف صديقنا الأليف يلفّنا بالطيوبِ يا حبيبي هيّئ […]
-
عشاءٌ أخير؛ بمعنى قريب
ربما كان السير جون ويليام أشتون، البريطاني/ الأسترالي يودّع باريس وعزّ عليه أن يترُكَ ليالي السين دون أن يقدّر هذا البهاء والجمال بريشته وطبعاته.. هذا النَهر خالِد الجمال والبهاء.. الذي يأبى أن يُشبهه أحد، ويأبى أن يتنازل عن جماله.. ولا عن لياليه الحِسانِ النّيِّرات.. مثلما الإنجليزي سير جون أشتون أنا العربية أتلخبط في وداعِ باريس.. […]
-
مُدُن الحُبّ: بالمعنى الرأسمالي
مُدُن الحُبّ/ مظاهر الحُبّ/ تنَفُّس الحُبّ/ مشاهِد الحُبّ/ هالة الحُبّ/ أنوار الحُبّ مصطلحات يأتي على ذكرها كثير من العرب ويمتلئ بها المحتوى العربي في سياق وصف مظاهر الحياة في مُدُن رأسمالية متوحشة لا يمكن للشخص فيها الخروج مع أي شخص دون حساب تكلفة تلك اللحظات من فاتورة ضمانات قانون الأحوال الشخصية الآجلة.. بعيداً عن الرومانسيات […]