التصنيف: تدوينات
-
مطر على عطشي
إن الغاية من نزول المطر ليست غسل الأرض، إذ لا يغسلماء المطر مركبتي ولا هو يغسل شوارع وطرُقات مدينتي..لكن المطر بالنسبة لي هي لفتة السماء وذكراها لروحيالرحمة التي تنبهت حاجتي لما يغسل هذه الروح من دنس الأيامولا أخالني أحب مطرًا غير مطر الصحراء، الذي لا ينفك يذكر روحي الرحالة بالصحراء الباردة الممطرة.. الغائبة الحاضرة في…
-
مرسال المراسيل، في بريد بلا أوراق
عرفت كتابة الرسائل متأخراًلم تكن الرسائل سهلة وطيّعةً لي في مراحل عمري المبكرةكانت كتابة المذكرات سهلة ولم تسبب لي المتاعبوكان التدوين فيما بعد هو أكثر ما أحبّ فعله..لم أتعلّم كتابة الرسالة إلا بعدما فاضت مشاعري وحُمِّل صدري بما لم يحتمل..كنت أغنّي مع السيدة فيروزوأنادي مرسال المراسيلالذي كان في مخيّلتي مقصوراً على أهل الضيعة القريبة وربما…
-
السفر عبر الزمن: إلى ماضٍ سحيق
أسافرُ عبر الزمن في كلِ يوم.. أرفعُ ثيابي المسدلة على قدماي وأمتطي دابّتي ما إن أستمع إلى تلك الحوارات تلك الأفكار البالية والعقلية الرثّة والآمال والأحلام المهترئة حتى يعُودُ بي الزمن إلى الوراء إلى ماضٍ سحيق، ليس بهِ طرق حتى تُصبح منحدرة هو كلّه منحَدَر.. يفاجئني ويربكني هذا الكم من الثبات.. الصمود.. والجمود.. هذا التحجّر،…
-
حياة الروح: عن الرياضة
لا يسعني المقام اليوم للحديث عن علاقتي بالنشاط البدني، التي ابتدأت في سنّ مبكرة، وتحديداً في الخامسة من عُمري.. أود فقط أن أتذكر دائماً، أنّي أتحرّك لأتنفس، ولا أتنفس لأتحرك.. أتحرك لأفكّر، وأنا التي تعيش لتفكّر.. كان همّي الكبير هو ترجمة مقولة ديكارت الشهيرة “أنا أفكّر إذا أنا موجود” في الوقت الذي كنت أقطع فيه…
-
غريزة الشيطان
لم تشعر الملائكة بالغيرة من آدم ولم تبد أي استياء من أمر الرب بالسجود له.من هنا كانت العلاقة بين الملاك و البشرفلا يمكن للملاك أن يحسد البشرالشيطان وحده من يفعل ذلك. – كتبت هذه الكلمات في مذكرتي، ٢٠٠٦. تشترك جميع الكائنات الحيّة في وجود الغرائز.. وإن كان البشر قدّ حدوا من تلك الغرائز وعدّوها خطايا…
-
رؤيا مشوبة بالحنين
https://soundcloud.app.goo.gl/DwGDQ2RBaPjmHNTv7 أصغي إلى صوتِ صمتيأصغي إلى الصمت بداخلييأتي صوت الكمان بخيوط الشمس إلى المكانأفتح عيني لأرى صباحًا أطلَّ وابْتَسَمَ..لا شيء يوحي إليّ بأهمية الحركةأو القيام لهذا الصباحأُطيل نظري إلى السقفوأتأمل انعكاس شُعاع الشمستتبعثر الأحداث التي أتى بها الصباحتسقط من حقيبة السماءرثّة ومتداخلة بعشوائيةتتبدل أنفاسي مع كُلّ نغمة سقوطولا يزال الصمت يُطبِقُ على روحييُطفئ انفعالاتيأُشيح ببصري…
-
في المطعم القديم
للأماكن التي أُسمّيها “الرياض القديمة” في قلبي معنى خاص.. لها ألق خاص، لها روحها، وهويّتها الفريدة.. لم أتمكن من السيطرة اليوم على دموعي بعد موعد طبيب الأسنان.. كان الغُبار يُغطي كل شيء، يقضي على ما تبقى من خطط نهاية الأسبوع، ويُنذر بليلةٍ كئيبة من ليالي شباط.. وأنا أكتُب رسالة الوداع، للمرة ليست الأولى، وليست الأخيرة…
-
لا تُطوى المسافات، إنما أيامك..
في خضم معركة الزحامأقطع الطريق السريععائدة إلى المنزل مساءًبعد يوم مليء بالعمل أستمع إلى أمل دنقلأُصغي إلى صوته قادماً من مكانٍ قريبقريب من صوتي الداخلي.. قادماً منّي إليّ. لا شيء يخيفني في طريقي..ولا شيء يواسيني فيه إلا الشِعر.. يسير من أمامي جمعٌ من المشاةتاركين أجسادهم وحدهاتواجه كل هذا الزحاموأنا أتحصّن بكل هذا الحديد من حولي…
-
هذا الصمتُ لروحي وحدها
لا شيء يوجعني في سريري.. ولا حتى الكونلا شيء يؤلمني عند عتبة الخلود.. ولا حتى ما لم أستطع فعله.. أتأمل السقف.. النافذة.. والنور الساقط على الأشياء في غرفتي.. يستعرضُ الكون ما لديه من موضوعاتٍ لي..قائمة مفصلة طويلةمصاغة بصورة قصيدة عمودية أتأملها بهدوءوأُكمِل استرخائي وفِعل اللاشيء..تمضي الساعات.. واحدةً تلو الأخرى تقطع الصمت سلسلة أفكارلها صور جمالية…
-
ما دُمت تُقاوِم..
لا سبيل للخلاص من شعورك بكل الأشياء من حولك.. لن يتجمد شعورك يوماً لا الأيام تخفف عنك حمل الأحداث الغريبة ولا الناسُ تعبأ بأمرك ولا ذاكرة مناعية لخلاياك العصبية لا تكتسب المناعة من أي ألم نفسي مع مرور الوقت ولا بتجربته مراراً الألم هو الألم لا شيء يغيّره.. أو يخفف من وطأته على قلبك ما…
-
أن تكون الكتابة حلقة وصل بينك وبين العالم
ماذا يعني أن أدوّن كل يوم؟عقدت العزم في منتصف الخريف أن أكتب كلّما شعرت..أن أكتُب إلى الأُفقِ البعيد غير آبهة بمحطات أي طريق.. أن تكون الكتابة حلقة وصل بيني وبين العالموسيلة تواصلي مع ساكنين..أن أُعبّر عن الحاجة إلى التواصل من خلال الكتابة أن أُمارس الصوم عن الرسالة الخاصةوأحيلها إلى تدوينة منشورة.. أن أُحادِثُك في العلن..…
-
مواجهات مع عدالة الحياة- الجزء الأول
المشهد الأول يلعب أحمد في فناء بيتنايعتني بحيواناتي الأليفةيرافق أخي طوال اليوم كمن لا يملك بيتاً يعود لهيستخدم أقلامه ودفاترهويتقاسم معه وجبته المدرسية يتأخر أحمد عن أداء دروسهيتغيب عن مدرستهيختبئ خلف جدرانِ منزلنا يعود أبي من العمل فيجده جاثٍ على رصيف المنزلمطروداً من بيت والده يعود أبي فيجده يبكييصحو أبي فيسمع صراخ طفليتجه إلى البيت…
-
خطيئة الأخ الأولى
نحت هنري فيدال (١٨٦٤-١٩١٨) تمثاله المشهور ورائعته الفنّية Cain, after having murdered his brother Abel في عام (١٨٩٦) ومع أنّي لا أذكر عملاً آخر لهنري فيدال، إلا أن هذا التمثال من القطع الفنية المفضلة لدي والتي أقضي وقتاً طويلاً في تأملها.. لارتباطها بالقصة الدينية عن قابيل قاتلَ أخيه هابيل.. لا أتوقف كثيراً عند خطيئة أبينا…
-
أيامٌ كاذبة
هذه الأيام كاذبة.. مثل رجلٍ رأى حسناء مدينته فنسي زوجته.. لم ينس أن يخبرها بأنه متزوج، لكنه نسي أنه متزوج حقاً.. وتوّج عُرسَ نسيانه بأن دعاها إلى بيته.. لم تظهر الحسناء مرةً أخرى أبدًا.. ولا هو نسيها أو ذكرها أبدًا أيامٌ توهمك بجمالها، وما إن تلتفت لها حتى تُدير ظهرها إليك.. ترمقني بنظرة متشككة “هل…
-
عدم الاكتمال..
مثل ياسمينة زرعت بين غابات نخيلِ.. أصابتها العدوى بداء النخيل ولم تكمل دورة تنفسها.. ومثل قطة ماتت على جانب الطريق.. لم يمهلها القدرلحظةً لم يمنحها الحظ فرصةً للعبور إلى الضفةِ الأخرى من الطريق الإسمنتي الطويل.. ومثل غيمة احتبس فيها المطر.. لاهي أنزلته وروت به الأرض ولا هي تخففت من حمله.. يخيفني عدم الاكتمال.. وأستدعي فكرة…
-
بلادٌ تخنقني بذكرياتنا معاً
في ليالي الشتاء التي لا أجد فيها عملًا يُسلّي وحدتي ويبرر لي غيابي غير المبرر عن الحياة.. يحاصرني الأرق.. تمضي الساعات ويحترق الوقت تنتهي القصائد.. وأختنق بذكرياتي.. أختنق بكل زوايا المدينة التي جمعتنا.. عند الفجر في غرفة الإسعاف تسألني الطبيبة عن موعد عودتي من السفر كي تبني تصورًا عن علاقة محتملة بين أوميكرون وبيني أجيبها…
-
أمل باندورا
أسير في الممرات الضيقة.. قاصدةً مكاناً لم أختبره.. لكن الوصف عبأ مخيلتي بما يعرّفني عليه دونَ أن يُرشِدني بدقةٍ إليه.. أتوقف عند رمزٍ أعرفه! أعرفه جيدًا حتى مع ضبابية الرؤية، وبخار الماء الذي غطى الزجاج.. عند عتبة الباب تقترب امرأة فارسية تكنس المكان وتحييني بالفرنسية “بونجوغ مادموزيل؟”.. أردّ التحية عليها وأتذكر أن فرانكوفونيتي ما هي…
-
على شاهِدِ قبري: الملاك المُنتَحِب
تأسرني دائمًا فكرة الكتابة على شاهد القبر، كلمة أخيرة للحياة، يقولها الميت بعد أن مضى عهده فيها، لا التزامات عليه، ولا خوف من سوء الأقدار أو من تبعات كلمته.. أعجبني ما كتب على شاهد قبر محمود درويش من كلماته التي علقت كثيرًا في ذهني “على هذه الأرض.. سيدة الأرض، مايستحق الحياة!”، كذلك ما كتب على…
-
الفضول المعرفي وشغف التعلّم
في كل مرة أشرع فيها في الكتابة عن أهم مراحل حياتي، أجدني أتوقف عند مرحلة الطفولة أو مرحلة الدراسة الجامعية.. كأن عمري ينقسم إلى مرحلتين: كنتُ طفلة ومن ثم دخلت الجامعة..كُنت طفلة تصحو مبكرةً حتى لا يفوتها اليوم ويبدأ بدونها.. أصحو مع طلوع الصبح في جميع المواسم، أركض إلى التلفاز وأتأكد من تشغيله إذا تأخرت…
-
فاحمل أفكارك وحدك..
إن أقسى ما في الخيل أنها تعاقبك على توترك بدلًا من أن تحمله عنك.. هذا ما كتبته بعد أول سقوط لي من الخيل قبل سنة من اليوم..كانَ التوترُ طارئًا علي.. واليوم أركب الخيل وأتنبه ذلك التوتر.. وكأنما طال به المقام عندي..كلّما قاومته.. أتاني بعمليات استطيان في نواحي جديدة..كلّما حاولت قتله.. قتل فيني شيئًا أريده.. والعالم…