قبل بداية هذه التدوينة، أود إحاطة القارئ الكريم علماً بأنّي لا أؤمن بالأبراج ومايسمّونه زوراً بعلم الفلك المُعتمد على الخُرافة.
أؤمن بالمجاز، وأحبّ أن أُفسّر بعض أحداث الحياة، بدلالات الطقس مجازاً. ولموسم الميزان في بلادنا عندي دلالة الاعتدال، ومظاهر الحياة فيه تعتدل حقيقةً ومجازاً. فبعد غضب الصيف وحرارته وتطرفه المؤذي؛ تعود الناس للخروج والتعرُض للشمس، تعود الليالي لطيفة بنسماتها العذبة التي تُداعِبُ أرواحنا العاشقة لليل في هذه الصحراء المُهيبة..
ولعلّي لا أُقصي طرفاً من أطرافِ بلادي إن قصرت هذا الحديث على الصحراء، لكنّي أتحدّث من العاصمة في قلبِ الصحراء.
يأتي موسم الميزان قبل تطرّف موسم الشتاء، ويأتي تبعاً له موسم المطر في شبه الجزيرة العربية، ويُعدّ أفضل مواسم السنة التي تستبشر فيها الناس وتخرُج لاستقبال المطر في الصحراء..
يبدأ أول أيام الميزان بذكرى توحيد بلادنا..ذكرى جمع منطقة مترامية الأطراف متنوعة التركيبة السكانية تحت رايةٍ واحدة.. ذكرى أحد أحداث التجانس.. القوّة.. والاتحاد في كيانٍ واحد.
وعندما أتأمل علاقتي بهذا كُلّه، أجدني أحتفل في مطلع الميزان لأُجدد سعيي إلى نيل العدالة التي نستحقها، والتي تليق بوطننا المعطاء.. أُجدد عهدي مع خدمة هذا المجتمع إلى آخر يوم في حياتي، بما يحافظ على مبادئه المُعتدلة وبما يحقق العدالة لأفراده، وما يحفظ لنا وحدة وقوة هذا الكيان..
هذا الكيان الذي منحنا القوة، ومنحنا الفرص اللامنتهية والثقة بنا، هذا الكيان الذي صانَ لنا كرامتنا، ومنحنا القوة على السعي في صون هذه الكرامة في كلّ يوم، وتحقيقها في جميع مظاهر حياتنا…
نرجو الله ونأمل أن يمُرّ بنا الأول من الميزان كُلّ عام ونحنُ برخاء وأمان وسلام..