
لا تُشدّ الرِحال عندي إلى البِحار.. وإن كانت أجمل بحار العالم.. فكُلّها عندي سواء..
لأنّي لستُ من أصدقاء البحر.. ولم أُحِبُّه يوماً..
كانت فكرة أن أقضي عُطلتي بجانب البحر أشبه بمغامرة.. لكنّي منحتُ بحر الشمال فرصة، لا لتغيير وجهة نظري تجاه البحر، وإنما فرصة للاستثناء..

أذكُرُ ببحر الشمال الآلهة نهالينيا التي لا يُعرف أصلها تحديداً وعما إذا كانت تنتمي إلى هولندا حيثُ يلتقي نهر شخيلت “Schelde” ببحر الشمال. أم أنها ألمانية وتعود جذورها إلى حيثُ يجري الراين عند مصبّه في بحر الشمال.. وأذكر أنّي لطالما تزوّدت بفيتامينات ومكملات غذائية مستخلصة تحديداً من هذا البحر؛ إما من حيتانه أو من كائناته الأخرى.. ولا صلة تصلني به أبعد من ذلك، أو ذكريات تجمعني بشواطئه..
ولأن منح الفُرصة والمساعي الجادة لبناء علاقة بيني وبين مكانٍ ما يتطلب الوقت.. والقلب المفتوح لذلك؛ فقد قضيتُ صباحاتي أُمارس تمارين بداية اليوم أمام حركة الأمواج الغريبة والمزاجية والتي -كما قرأت- يصعب التنبؤ بها..
وعند ظهور الشمس فأنا لا أتغيّر ولا أمنح فرصة لذلك.. أفرّ من الشمس فراري من الأسد -أو أشد من ذلك- وما إن تغيب الشمس أو يخفّ شعاعها حتى أعود إلى البحر للتأمل أو القراءة.. أو الصمت التام المُطبق.. أو المشي على الشاطئ..
لا أُفارق البحر إلا عند منتصف الليل أو بعد ذلك بقليل..

التقيت بالبحر ليلة اكتمال القمر في الثالث عشر من جولاي ٢٠٢٢، تركت هاتفي وحقيبتي وكل أشيائي التي أحملها معي في العادة، وخرجت إلى الشاطئ.. لم أر القمر في حياتي بهذا الاكتمال.. والجمال!
لهذا البحر سمة الحزن، ولكنّي لا أبالي كثيراً بذلك.. أجمع أكثر المقطوعات الموسيقية حزناً عندي، وأنزل لأستشعر بهاء الحزن.. أحياناً!