
في الأيامِ الماضية، كنتُ أعيش توقفاً عن الكتابة ولنقل أنّه متعمداً هذه المرة..
أسير في طُرُقات مدينتي.. أرى القطط تعبر الطريق وتنتبه إلى مَن خلفها.. أرى القطط تسترق النظر بالتفاتة كتفها كأنما تم تعليمها على النظر إلى النقطة العمياء.. وفي كُلّ مرة أتساءل: إذا كانت القطة تستشعر الخطر القادم من السيارة وتستجيب له، لماذا كُتِبَ عليّ أن أرى قطة ميّتة في كل الأيام التي أقطع فيها أحد الطرق السريعة؟
هل تناقلت القطط في موروثها قصص حوادث الطريق؟ أم أنّ الأمر يتطلب سنيناً طويلة من التطور للوصول إلى جهاز عصبي يقدر على خَلق الموروث؟
وإن حدث ذلك، فهل سيفرق ذلك في أعداد القطط الميتة على الطريق؟ ربما لن يشكل فارقاً يُذكر، فقد يكون عدد تلك القطط مساوياً لأعداد البشر الذين يتعرضون لحوادث الطريق لكنّ الإسعاف هو الأمر الفارق في ذلك..
على أي حال، فهذه إحدى الأفكار التي تطرح نفسها في إجازتي الاسترخائية، التي قضيت أغلب ساعاتها على ظهر الخيل.. مُتنقلة بين خيول النادي.. وخيل مدربي المُدلل..
مُدربي الذي ما إن عرف بأمر الإجازة وسبب الانقطاع عن الفروسية الذي كان “العمل” بكل بساطة.. حتى أفرغ غضبه في ساعات التدريب الطويلة..
خلال أسبوع متواصل وفي ليالي تموز الحارة جداً، قُدتُ خيلي في الميدان عند بداية المساء من كل يوم وحتى مُنتصف الليل، ولم أخرُج من الميدان إلا بعد تقديم المستوى المطلوب وتحقيق جميع المهارات المطلوبة أيضاً!
في ليلة العيد انتبهتُ إلى افتقادي للخيل.. للميدان والتعليمات التي ينطق بها المدربين بصوتٍ عالٍ..
صحيح أن استرخائي المزعوم في هذه الإجازة كانَ على ظهر الخيل..لكن ظهر الخيل عندي أحد الوسائل التي أستعيد بها توازني وسيطرتي على مجريات حياتي..
ظهر الخيل عندي هو رفيق إن وثقت به قفزت في الهواء محلّقاً دون خوف..
لكنّ هذا جُلّ ما أحتاجه، وجُلّ ما أتمناه في كلّ إجازة!
توقفت عند شوقي إلى الخيل في ليلة العيد، وتأمّلتُ كل الأشياء من حولي، فقادني تأملي إلى افتقاد الفنّ إلى افتقاد التغذية البصرية -بالعامّية- التي يمنحني إياها تأمّلي للأعمال الفنّية..
فسهرتُ أتأمل مجموعات من الأعمال الفنّية تارةً بعين المتذوق وتارةً بعين الناقد..
حتى جاء الصباح ونمت في صباح العيد للمرة الأولى في حياتي، لأستيقظ عند العاشرة صباحاً، والعاشرة صباحاً في يوليو/تموز تعني الظُهر وليس الصبح، فهل لِظُهر العيد قيمة؟