على محطة طريق الدمام

الرياض، ٢٧ يونيو ٢٠٢٢.

تأملاتي في جميع أرجاء الرياض أمر..

وتأملاتي وأنا أقفُ على طريق الدمام أمر آخر تماماً…

كلّ يوم أعيشه في الرياض، هو يومٌ مزدحم..

بقدر ازدحام شوارعها وطرقها السريعة..

تملأ الرياض حياتي بأشياء كثيرة وتشعرني بالتقدم في الخط الزمني لحياتي.. بالمعنى الجيد لهذه العبارة..

وتملأ حياتي بإدمان الازدحام.. الازدحام بمفهومه الشامل، بما في ذلك ازدحام حياتي؛ بالناس والعمل والاهتمامات والحيوات المؤجلة..

عند نهاية المساء، وكُلّما حاولتُ التأمُل.. تأمُل تفاصيل اليوم على الأقل.. لا تسمح لي بفعل شيء..

تقضي على هدوء المشهد وتأتي باللحظة الأخيرة لليوم..

أنسى أن أكتُب، أو بلفظ أكثر دقة “أتعطل عن الكتابة”.. وعن أشياء أخرى.. من فرط الزحام، أذكرها ولا أجد لها وقتاً أو مساحةً..

في اليومين الماضية تعطل مكيف سيارتي، وعُدت إلى المواجهة مع طريق خريص- مكة المكرمة صباحاً، ومن ثم الانتقال إلى طريق الدمام عند الظهيرة..

ومع ازدحام أيامي وانعدام وجود لحظة الفراغ فيها، لم أتمكن من إصلاح المكيف واضطررت للسير صباحاً بمكيف ينفخ هواءً حاراً.. وسيارتي مُعلّقة على الطريق..

ولم يكتمل اليوم حتّى تفجرت إطاراتي سيارتي بفعل الأشواك..

وكان دائماً هناك من يساعدني حتى تحت الشمس التي لا ترحم أحداً..

حظيت باستضافة في سيارة أحدهم، وبقي تحت الشمس يُصلح ما أفسدته الأشواك -وليس أنا-..

ومن أكثر الأشياء التي تدعو إلى التأمل، هذه المواقف التي لا تحدث تحت الشموس الأقل قسوةً.. وفوق الأراضي البعيدة عن بلادنا..

خرجت بعد إصلاح سيّارتي.. والشمس تتعامد على رأسي وتصيب عيني.. تأخذ من رأسي بديلاً عن مدار السرطان تسترق اللحظة التي أسير فيها تحتها وتبدأ باستهداف رأسي بدلاً من ذلك المدار المتطرف صيفاً وشتاءً..

عُدت إلى طريق خريص-مكة المكرمة أسحب إطارات سيارتي غير المتناسقة في الأحجام.. أُهلك بذلك السحب عضلة قدمي اليُمنى التي غابت عن الفروسية ليتم استهلاك طاقتها وقدرتها في السيارات..

وكما جرت العادة، لم أفرغ من عملي إلا عند نهاية المساء.. سلكتُ طريق الدمام، الذي أعلم أن رمزيته توحي إلى القارئ بأنه طريق سفر.. بينما يقع واقعياً في وسط الرياض ويمتد من شرقها إلى غربها، مثل خط الاستواء، مع أنه إلى وقتٍ قريب لم يكن خط استواء الرياض إلا طريق خريص-مكة المكرمة.. ومع نمو الرياض وتمددها باتجاه الشمال أصبح هذا الطريق هو خط الاستواء الجديد..

وعلى فكرة هذا الطريق هو الطريق الدائري الشمالي، ولكنّي أستخدمه ابتداءً من الشرق وهناك يُسمّى طريق الدمام..

أتأمل الرياض كُلّما مررت به.. من منظور مختلف صِدقاً، أحب هذا الطريق ليلاً في ليالي الصيف والشتاء!

تركتُ سيّارتي قبل قليل لإصلاحها وجلستُ أتأمل الطريق من المقهى المجاور للمحطة..

ولا وقت لدي لإكمال التأمل، لأن سيارتي يُقال بأنها صلُحت! أصلحها الله وأبعد عن طريقها أشواك السوء!

%d مدونون معجبون بهذه: