نصائح محام؛ وانتهاكات بالجُملة

كنت في العشرين من عمري عندما بدأت أخطو أولى خطواتي في المِهَن القانونية، وكانت مكاتب المحاماة وحدها المفتوحة أمام طالبة لم تنهِ إلا سنة واحدة من دراسة القانون..

كان جميع المحامين بلا استثناء يرددون عبارات يعتبرونها جزءاً من دستورهم في المهنة، منها: “عميلك هو عدوك الأول”، “لا تصدّق عمليك ولا تثق به”… وإلى آخر ذلك من العبارات التي أعجز عن التعليق عليها..

وفي معرض استعراض المحامين لقدراتهم، وحديثهم عن بطولاتهم وانتصاراتهم الملحمية، قال لي أحدهم: “هناك قاعدة أتبعها للفوز في أي قضية، حالما تواجهين خصمك عند القضاء، عليك تسجيل جميع بياناته الشخصية.. سأخبرك لاحقاً أهمية ذلك..”

وشددّ المحامي على أهمية تسجيل رقم الهوية الوطنية للخصم! وأبلغني لاحقاً بأنه يستخدمه في البحث عن سجلات خصمه لدى الجهات الأمنية، وقال لي “هذا شيء غير نظامي، لكنه يحقق الغاية، يجب علي أن أفضح جميع مصائب الخصم عند القاضي، لأنتصر لحق موكلي!”

وأخبرني في النهاية أن عليّ توطيد الصلة بالعاملين في بعض الجهات، لأن الإفصاح عن البيانات الشخصية للأفراد غير نظامي، وخطير جداً، وميزة المحامي الذكي، أنه يستطيع الحصول على ذلك!

كان ردّي الوحيد عليه: “بطلان الإجراء يُرتّب بطلان القضية، وما بُني على باطل فهو باطل”..

بعيداً عن الإجراءات، والانتهاكات بالجملة، يبدو أن هذا المحامي كان غائباً عن محاضرات “نظرية الحق” في مقرر مبادئ القانون، وإلا فكيف استباح حق الإنسان في خصوصيته؟ دون أدنى اعتبار لذلك!

%d مدونون معجبون بهذه: