غياب التدوين اليومي- التحديات والأسباب

في أول مرةٍ قرأت فيها للأستاذ يونس عمارة، المدوّن الذي عرفته بتدوينه اليومي دون انقطاع منذ ما يزيد عن سنة، قرأت مقالته التي شرح فيها طريقة تجاوزه للمزاجية والانشغال الشديد في رحلته للتدوين لمدة ٧٨٨ يوماً دون انقطاع.

لم يشدّني في العنوان لفظ “المزاجية”، لأنّي أعرف نفسي جيداً بأنّي لم أكن يوماً مزاجية ولم أكُن ممن تُقلّب مزاجاته أيّامه في تقلّبها، ولأنّي ممن يعدّون تجربتهم ملهمة في التغلب على الانشغال بالمحافظة على العادات اليومية المهمة التي لم أهملها مع مرور مدد زمنية ليست قصيرة، قد أكون دوّنت أهمها هُنا.

ما شدّني في عنوان تلك المقالة هو الانشغال إلى جانب التدوين “اليومي غير المنقطع”! كيفَ يُمكِن أن يكونَ يومياً؟ وكيفَ يُمكن أن يكون الرجل مشغولاً؟ هل هو مثلَ انشغالي؟

وضع الأستاذ يونس فلتراً يوضّح الانشغال الحقيقي من عكسه، ويوضّح بعض التحديات مثل زحمة السير في المدن الكبيرة التي تأخذ كثير من أوقاتنا، وأكد في ذلك على يقيني بأنّي امرأة مشغولة حقيقةً لا مجازاً ولا مزاجاً..

يوم الأمس رتبت موقعي الشخصي، ووضعت به بعض التصنيفات، وحاولت إنعاش مهاراتي التي فقدتها بعد مرحلة الطفولة، في التعامل مع المواقع، كنتُ قد قررت أن أقضي عطلة نهاية الأسبوع هذه المرة في الاستمتاع بوقتي وأخذ قسط من الراحة بعيداً عن العمل -الذي أُلزِمُ به نفسي ولا يُلزمني به أحداً وقت العُطلات-.

استيقظت اليوم برغبة في تنفيذ خطة العودة إلى نادي الفروسية اليوم، وترجمة مقالة أجّلتُ ترجمتها كثيراً، إضافةً إلى الكتابة، وبعد تصفحي لتويتر وجدت التغريدة الآتية:

من خلال التعليقات، وجدت مدونة الأستاذ أحمد مكاوي، الذي أضاف لمعلوماتي “متلازمة المحتال” والتي لم ألقاها فيني..

في الفترة الماضية كرهت الاستماع إلى أخبار إذاعة بي بي سي صباحاً، بسبب تمحورها حول النزاع في أوكرانيا، ولم أعُد أطيق استماعاً لها، وقررت الاستماع إلى محتوى متعلق بالأدب، أو أي شيء..

وكما هي العادة، لا شيء يُعجِبُني، ولا حديثَ يُثير اهتمامي، غير المحتوى العلمي الدقيق، أو الأعمال النقدية، التي لا يتحدث أصحابها في الإذاعات إما لأنهم ماتوا أو لأنهم ببساطة منشغلين بأعمالهم عن إيصالها لنا.

جرّبتُ كثير من تطبيقات الكتب الصوتية، وكثير من برامج الإذاعات أو البودكاست بمفهومه الحديث بعيداً عن الارتباط بالإذاعة، ولم يعجبني شيء، لا يزال المحتوى الذي أبحث عنه هو شيء مكتوب بين السطور ويصعب الوصول إليه، وهذا يعني ضياع وقتي في السيارة، إلا من الشِعر.

الشِعر الذي أعتبره من أهم ما أستمِع، ولكن ليس على كلّ حال..

لأعود إلى يومي وأحكي لكم، قرأت النشرات البريدية بسرعة، وقمت بنشاط بدني خفيف، وغيّرت مكانَ جلوسي حتى أحسن من شعوري بهذا اليوم وبدايته، وبعد انتهائي من ترجمة المقالة، وصلني رداً من منسّق النادي يخبرني بأنّه يمكنني البدء مساء اليوم..

وأنا أشكره، أرسلت ترجمة المقالة، وعندها لاحظت في سلسلة البريد الإلكتروني، أنّي طلبتُ ترجمة هذه المقالة من منسوبي المجلّة يوم كنت في جنيف أقضي إحدى عُطلاتي التي لم تخلو من العمل أو الكتابة، ولكنها احتوت على كثير من لحظات التأمل والهدوء والسكينة، في السماء ونجومها والأنهار والجسور المبنيّة فوقها..

حقيقة أن الانشغال الحقيقي يمنعني من هذا كلّه، يقف إلى جانبها تعدد الاهتمامات التي تمثّل صعوبةً بعض الأيام في حصر الأهميّات، ليست إلا أشياء قد أتمكن من التغلب عليها يوماً، ولكن تبقى النقطة الأساسية هي القناعة؛ هل اقتنعت نوف بأهمية التدوين اليومي؟ ربما ليس بعد!

%d مدونون معجبون بهذه: