
يقول جوزيف حرب “فاسكب فعُمري في يديك ثوانٍ” وكلّما قرأت القصيدة أو سمعتها مغنّاة، يأسرني في كل مرة مجددًا تعبيره..
ما الذي ألهمه رؤية هذه الصورة الجمالية؟ أن يكون بينه وبين محبوبه خمرةٌ وأغاني ومن ثم فإن سكب الخمرة يختصر عمره بين يدي المحبوب في ثوانٍ..
يستكمل حرب التعبير عن الموقف النفسي في نشوة الحب.. أن يُصبح العالم كلّه لا شيء ولا قيمة له خارج حدود هذه اللحظة في قوله “ما همّنا انطفأت نجومٌ حولنا.. وتوقفت أرضٌ عن الدورانِ” ويتمنى احتراق الزمان بعد هذه اللحظة.. حتى يتوقف عمرهُ والكون كلّه على سكرته بالحُب..

لا يتوقف حرب عن إبهاري بالصور الجمالية البليغة والآسرة في إنٍ معاً، ويستكمل وصفه للشمس في اللحظة التي تمناها الأبدية مع محبوبه “والشمسُ في عيدِ المساء عصفورةٌ هربا بها عبر المدى ولدانِ”..
وكلّما أصغيت لهذه الصورة الجمالية، رأيتُ أمامي الشمس في عيدِ لوحات فنان العصر الفيكتوري الإنجليزي جون جريمشاو.

لكن القصيدة تأخذني إلى الفن المُعاصر ولوحات الفنانة آن ماجيل، حالما يبدأ شاعرها في الحديث عن خوف العاشقينِ من الفراق بقوله “كالعاشقين الخوف في وجهيهما
إذ ليس بعد اليوم يلتقيان
صور الفراق تطل من أجفاننا
وتمرّ مثل غمامة الحرمان”.

ويتساءل عن عن الحنين ولهفة المُحبّ.. “سهري وبُعدك منهما لاحت لنا
في ظل قلبك زهرة النسيان
أتُرى تردك من حنيني لهفة ؟
وتمد من شوقي إليك يدانِ؟”

ويختتم قصيدته برجاء الليل أن يكُن ليله.. وأن يسكب خمرة الحب، لأن عُمر الحبّ فيهِ ثوانِ..