خطيئة الأخ الأولى

قابيل بعد قتله لأخيه، هنري فيدال، حدائق توليري، باريس

نحت هنري فيدال (١٨٦٤-١٩١٨) تمثاله المشهور ورائعته الفنّية Cain, after having murdered his brother Abel في عام (١٨٩٦)

ومع أنّي لا أذكر عملاً آخر لهنري فيدال، إلا أن هذا التمثال من القطع الفنية المفضلة لدي والتي أقضي وقتاً طويلاً في تأملها.. لارتباطها بالقصة الدينية عن قابيل قاتلَ أخيه هابيل..

قابيل بعد قتله لأخيه، فنان غير معروف

لا أتوقف كثيراً عند خطيئة أبينا الأولى، لأنها ارتبطت بغريزته، بفضوله.. ما يستوقفني هو خطيئة الأخ الأولى، خطيئة البشرية الأولى فعل القتل الأول لرجلٍ أي كان اسمه ومهما اختلفت الروايات التي وصلتنا عن دوافعه.. ما يهم هو أنه كان هناك رجلاً سرق الحياة من بين عيني أخيه.. نزع منه حقه في الحياة.. أجهز عليه ومضى يكمل حياته

تخيفني فكرة أننا أبناء القاتل، وأنه أورثنا نزعة فعلته.. وفي كل مرةٍ أسمع فيها عن حادثة قتل، أفكّر في معنى أن تنزع من غيرك حقه في الحياة وتمضي محتكراً ذلك الحق لك.. هل ورث البشر تلك الصفة حقاً؟

دوافع القتل عند البشر تختلف عن تلك الدوافع الموجودة لدى الكائنات الأخرى وهذا ما يجعلها موضوعاً للتأمل، التأمل فقط لا التفكّر ولا التحليل..

وفي ذات السياق أغرق في تأمل أبيات أمل دنقل في قصيدته ” لا تصالح”:

“والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة”.

” والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة! “.

%d مدونون معجبون بهذه: