الكلّ

تأمّلات في قصيدة نجوى

للشاعر عبد المنعم الرفاعي قصيدة بعنوان “نجوى” لحّنها وغناها الفنان محمد عبدالوهاب، هذه التدوينة عبارة عن تأمّلات في جمال القصيدة. “تجري وأحلامي في غيّها تمضي .. إلى حيث البعيد البعيد أنتَ مُجدٌ سالكٌ دربه .. يدفعه الشوق إلى ما يريد ولي خيال سارحٌ بالمنى .. يسوقني حينا وحينا يحيد كأنني والكون في قبضتي .. موزعٌ…

نبتٌ طيّب

مِثلَ زرعٍ طيّبأصلُهُ ثابتٌ.. مُنفصِلٌ عن جذره السماوي..عانى انفصالهُ عن فرعه في السماء..ليهبِطَ إلى أرضٍ اختطفتها الأساطير.. كانت رسالتُهُ أن يحررها من سيطرة الأسطورة، ويكسو أيامها بنورٍ يضيء بفعل زيتِ الشجرة الأصل التي انحدر منها .. بنور العلم والمعرفة التي لا تنضب! لكِنّ بنو الأسطورة لم يرضَ أحدٌ منهم بذلك، وكعادة القوم الذي لم يهتد…

ما أشرَقَ فيكَ منّي..

“إنما يصدقك من أشرق فيه ما أشرق فيك”. – مقولة تُنسب إلى ابن القيم الجوزية تارةً وشمس التبريزي تارةً أخرى، ولست بصدد تحقيق نسبة هذه المقولة لصاحبها، ولا عن المعاني الكثيرة التي تحملها وتحتملها، ما يُهمني اليوم هو تأكيد الأيام لي على صحّة أحد معانيها. لن يصدقك إلا من شعر بك، عاش تجربتك، أو آمن…

ليالي نيسان

للربيع في ذاكرتي ألقٌ خاص، كل ما تحتفظ به ذاكرتي من جمالٍ للطبيعة في منزلنا العتيق مرتبط بالربيع، وإن كُنتُ ابنة الخريف! رمضانٌ والناس صيام، وأنا طفلةٌ لا يعنيني ذلك شيئاً، أركض في باحة المنزل وأجمع الفراشات على كفّ يدي، وما إن فُتِنتُ بها وقررت تربيتها، وصنعتُ لها من دولابي منزلاً حتى ماتت! “للطبيعة أحكامها،…

اغتيال حُلُم مع وقف التنفيذ

أُقدِّم في هذا النص فصل واحد من سيرةٍ ذاتية، جادَت بِها مخيّلتي عليّ، وخط بها قلمي ما أراد حكايتَهُ منها في سبعة مشاهد، تأملتُ فيها دروساً مختلفة مما أفاضت بِهِ التجربة على ذاكرتي الأدبية. المشهد الأول أمضي إلى المعنى وفي يدي تتناقص المعاني.. أمضي إلى المعنى وفي روحي تتأجل الحياة.. أمضي إليه ومن روحي يستمد…

أن تُصهَر اللذة بنارِ العاطفة

“إنّ اللذة تبقى مُلطّخة، ما لم تُصهَر بنارِ العاطفة”. لم تكن علاقتي جيدة بسيمون دي بوفوار وزوجها سارتر، ولم تزل، لا أحب هذا الثنائي، ولا أستشهِد بآرائه، وفي المرّة الأولى التي قرأت بها مقولة سيمون المذكورة في مطلِع هذه التدوينة أُعجِبتُ بها، وبقيتُ أُفكّر بها لمدة ليست قصيرة. كُنتُ صغيرةً جداً على أن أختَبِرُ ذلك،…

قالت لي العرّافة- الجزء الثاني

من الصحراء تبدأ كُلّ النبوءات، وفيها يعي الظمآن أن ما يلحقه ليس إلا سراباً..وتنتهي بذلك بعض حكايات الأمل.. نائمةً كُنتُ وأيقظتني طيور بريّة، لا أُميّز من أنواعها شيئاً ولا أعرف من أعضاء مجموعاتها أحداً.. تركتُ خيمتي واتجهتُ بحثاً عن الماء، كان أول ما يشغلُ بالي عند الاستيقاظ صلاة الفجرِ، كانَت برودة الماء تُضفي حُمرةً على…

هيئة الأمم المتحدة للفتيات، وترسيخ عجز النساء

تم إنشاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة -التي عُرِفت فيما بعد باسم هيئة الأمم المتحدة للفتيات والنساء- عام ٢٠١٠ م، وتهدف الهيئة إلى أن تكون النصير العالمي لقضايا المرأة والفتاة حول العالم، وإحراز التقدم في قضايا المرأة. وبالنظر إلى أهداف هيئة الفتيات وأولوياتها، نجد أنها تركّز على عدّة أولويات استراتيجية، أوّلها “قيام النساء بقيادة أنظمة الحوكمة…

قالت لي العرّافة- الجزء الأول

المشهد الأول كنتُ أسيرُ في صحراء باردة.. اكتست رمالها بالحُمرة.. وترك عليها إشعاع الغروب لمحةً ذهبية.. كانت الطفلة ابنة الخمس سنين ترفع رأسها إلى السماء..تستعد لاستقبال النجوم.. غطت زُرقة المساء الأفُق.. وأضاءت السماء قناديلها.. اشتدت الرياح وقسى البرد على أطرافي.. وكان كبرياء الطفلة التي كُنت لا يسمح لي بالتعبير عن البرد، والحاجة إلى الدفء.. تمسّكتُ…

نشوة الصوفي في غمر تجلّي الأفكار

“لي في سماعك نشوة الصوفيّ في غمر التجلّي.. ولكل بوحٍ لذة فكرٍ كفجرٍ مستهلِّ”.. ما إن أتأمل كلمات سليم حيدر حتى أقِف لأتأمل حياته، هذا البيت الشعري تحديداً يتحدث عن نشوة الصوفي والتجلّي في عمق لوصف حالة روحية صرفة، ومن ثم ينتقل إلى اللذة التي تبتعد في الوصف الديني عن الروح لتكون أقرب إلى النفس…

ولهي عليك.. لا على الكتابة

لم يسعف تدويناتي وقلمي الذي أوشك أن يجف ولهي على الكتابة، فطوال الأيام الماضية كنت أحنّ إلى نقرات أصابعي على لوحة المفاتيح وأنا أُفرِغُ ما في صدري أو أنثر ما تغنّى لي به فكري في تدوينة أو ربما رسالة. كان ولهي على الكتابة قوياً، ولكنّي لم أشأ أن أجبر نفسي على ذلك، فالحروف التي يكتب…

ليالي استقبال الشتوية وصفاء الزمان..

أسيرُ في شوارع وطرقات مدينتي.. تأخذني سيارتي على مهلٍ وتنحني بي أينما مال الطريق.. أفتح نافذتي لأستشعر نسمات الخريف.. وحلقي المُحتقِن يتحرى نسمات الشتاء دون صبر.. يتغيّر شكل المدينة ويذهبُ إلى أقصى حدود الجمال ما إن يأتي إلينا الشتاء، فصلُنا الموعود والمُنتظَر.. يُغنّي طلال وأُغني معه طوال الطريق، وعند نهاية المدى.. يقترب الطريق إلى نهايته..…

لا فائدة من الصراخ.. في مساء خريفي

ابتدأ هذا اليوم باكراً، وصلتُ باريس عند الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحاً.. لا الصباح الباكر الذي يغطيه الظلام.. ولا الليل الصاخب الذي تطغى عليه ثيمة الإضاءة الصفراء يُشبِعُني لأكتفي بما نلته اليوم وأنهي السباق مع الزمن بنومة هانئة.. أوراق الشجر المتساقطة على الطرقات.. الرياح القوية التي تسبق العاصفة الرعدية.. إرهاق اليوم الكامل.. والسلالم التي…

رحى الأيام

للمرأة العربية في التراث علاقة وطيدة وذات نوع خاص بالرحى، والرحى هي أداة تقليدية تتكون من حجرين كبيرين مستديرين، يعلوهما قُطب الرحى الذي يتم تحريكه بشكل دائري ليتحرك الرحى ويطحن الحبوب.. يطبق الحجر على الحبوب ومع كل حركة مستديرة تُطحَن الحبوب.. وكلما كانت الحبوب صلبة كلما احتاجت المرأة إلى قوة وخشونة أكبر في طحنها.. ويُنسب…

أدوار مُرهِقة.. على حافّة مسرح العالم

كم يشوه حروفنا نزع الحقيقة منهاكم يميت أرواحنا غياب الحقيقة عن حياتناونحن نشترك في زيف هذا العالمونجدد اشتراكنا كل يوم لآداء أدوارنا في هذه المسرحيةمسرحية لا نتقاضى عن آدائنا فيها أي أجر.. تنزع منّا صدق مشاعرناتحجب عن العالم بستائرها حقيقتناوتقدّم لهم ما تم رسمه مسبقاً للمشاهدةللمعاينة والاستماعوتصنّع الاستمتاع.. تُخسِرنا كل شيء..حتى أموالنا التي جمعناها بشق…

الميزان والعدالة..وبلادنا المعطاء

قبل بداية هذه التدوينة، أود إحاطة القارئ الكريم علماً بأنّي لا أؤمن بالأبراج ومايسمّونه زوراً بعلم الفلك المُعتمد على الخُرافة. أؤمن بالمجاز، وأحبّ أن أُفسّر بعض أحداث الحياة، بدلالات الطقس مجازاً. ولموسم الميزان في بلادنا عندي دلالة الاعتدال، ومظاهر الحياة فيه تعتدل حقيقةً ومجازاً. فبعد غضب الصيف وحرارته وتطرفه المؤذي؛ تعود الناس للخروج والتعرُض للشمس،…

قُصاصات على هامش رحيل الصيف..

العالم من ثُقب سنارة أترك خلف ظهري هوايات كثيرة، محملة بالشعور بالذنب حيال إهمالها أوقات انشغالي، وما إن أعدد تلك الهوايات حتى أُدرِك ارتباط معظمها بالطقس، وأن ما سيأتي بها هو قدوم الخريف.. باريس، ٢٠٢٢ افتقاد المدن.. الأماكن.. لا الأشخاص أصحو مبكرةً وأسحب نفسي لإطار الالتزام عنوةً على سجادة التمرين.. أفتَحُ نافذتي وأُذكّر نفسي بأن…

الكتابة والمشي رأساً على عقِب..

منذ يومين حصلت على هدية رائعة وبسيطة، عبارة عن دفتر ملاحظات حجمه لا يكبر يدي بكثير، فرحت به كثيراً، لأنّي أنوي العودة إلى الاستعانة بالورق للعودة إلى التدوين. وفي الأيام القليلة الماضية، خُضت تجربة الكتابة وسط جمعٍ من الناس، أو بصيغة أكثر دقةً “وسط الجموع”، كانت تجربةً استثنائية، أن أكتُبَ وسطَ الضجيج، أن أُركز في…

الحنين الخريفي.. والشاشة الذكيّة

ما إن يستعد النصف الشمالي للكرة الأرضية لاستقبال الخريف، حتى يبدأ شعوري بالحنين في التصاعد، صباح بعد صباح ومساء بعد مساء، وتزداد حدّته أحياناً عند الفجر.. في هذه الأيام يصيبني الحنين إلى باريس.. أيام باريس.. شوارعها.. ميادينها.. والقطع الفنّية التي تتخذ من شوارعها محلّ إقامةٍ لها.. أفتقد خريف باريس الذي يجعل منها لوحةً فنّية بحلّة…

اختصار العُمر بلحظات..

“ليتني أختصِرُ العُمرَ اختصاراً..” في بداية العام ٢٠١٥ تعرفت على قصيدة الغد لإبراهيم ناجي، بدأ ذلك العام بشتاء بارد جداً، لم يختفي أثره إلى نهايات فبراير، وطوال فترة الشتاء تلك كنتُ أستمع إلى القصيدة مغناة بصوت الفنانة اللبنانية/ المصرية سعاد محمد؛ تارةً، وأقرأها تارةً أخرى.. طالَ استماعي إلى القصيدة، حتى قررت الحصول على نسخة تسجيل…

مرّت الساعة والليلُ دنا..

لشعرِ إبراهيم ناجي عندي مكانةً خاصة.. من حيثُ وقع كلماته على مشاعري.. ولا أعرف حتى اللحظة ما تحدّثت عنه وما لم أفعل.. أذكُرُ أنّي أطلت التأمُّل في قصيدة ساعة لقاء أمام لوحات الفنانة “آن ماجيل”، وقد فعلت ذلك ابتداءً من ذكرى ذلك”اللقاء”.. ولم أُطِل في تأمُّلي لمطلع القصيدة الذي تحدّث فيه ناجي عن ما وراء…

يجب أن تفهمني..

لا يشكل الرأي القائل بأن أراء الآخرين ليست ذات أهمية؛ أي أهمية لدي.. إذا يعتمد ذلك على نوع الآخرين وتصنيفهم ومكانتهم في حياتنا.. في المواقف التي أجدني محاصرة فيها بسوء الفهم الناتج عن عوامل خارجة عن سيطرتي وحتى عن سيطرة الطرف الآخر، هذا الآخر الذي يهم رأيه جداً.. أشعر وكأن جميع الأيام بكامل أوقاتها والمواقف…

عن الحروف التي لا تُطيعنا دائما..

قيل لي في إحدى الرسائل، أنّ حُبّي للكتابة مُعدٍ.. مِثل وباء له ميزة الانتقال عن بُعد ولا يشترط للإصابة بالعدوى فيه الاتصال الفيزيائي.. ولستُ في مناسبة تليق بالحديث عن علاقتي بالكتابة، لأن ما يحدث معي هذه الأيام يتسبب بفتور في هذه العلاقة.. تأكل الكتابة المهنية حصة الأسد من مقدرتي على الكتابة بصورة يومية.. وتبقي الكتابة…

لروحك المنسية..

كبُرتَ وأنتَ حُرّاً لا تعنيك حتى المرآة العاكسة إن لم يعجبك ما عكسته عنك.. مُنِحتَ القوة للتوازن.. فأصبح الدوران هوايتك.. رقصتك المفضّلة.. عن الصبح وعند المساء.. يدور العالم حول نفسه إن هو اقترب منك.. كُنتَ كمن يؤدي رقصة الدروايش المولوية.. أنتَ منفصل عن هذا العالم.. روحك تسمو لِتُسافر.. ممتلئةً بالطاقة.. والجسد وقودها ومحركها.. الجسد طاقتها…

بحر الشمال..

لا تُشدّ الرِحال عندي إلى البِحار.. وإن كانت أجمل بحار العالم.. فكُلّها عندي سواء.. لأنّي لستُ من أصدقاء البحر.. ولم أُحِبُّه يوماً.. كانت فكرة أن أقضي عُطلتي بجانب البحر أشبه بمغامرة.. لكنّي منحتُ بحر الشمال فرصة، لا لتغيير وجهة نظري تجاه البحر، وإنما فرصة للاستثناء.. أذكُرُ ببحر الشمال الآلهة نهالينيا التي لا يُعرف أصلها تحديداً…

كتابة الرسائل وقُدسية المشاعر

أُسدِلَ الستار عن شتاء هذا العام وأنا في عاصمة يأسرني الشتاء فيها قبل الربيع.. وقبل كُلّ المواسم.. كان جُلّ ما ألهمتني فيه فتنتها وبهاء أيامي فيها.. هو عدّة رسائل وتدوينات خرجت من قلبي ليستقر بعضها في البريد الإلكتروني الخاص بأحدهم، ونال بعضها حُرّيته ليُنشر مثل هذه التدوينة.. لم يُعلمني شيء كتابة الرسائل مثلما علمتني قوة…

ظُهر العيد

في الأيامِ الماضية، كنتُ أعيش توقفاً عن الكتابة ولنقل أنّه متعمداً هذه المرة.. أسير في طُرُقات مدينتي.. أرى القطط تعبر الطريق وتنتبه إلى مَن خلفها.. أرى القطط تسترق النظر بالتفاتة كتفها كأنما تم تعليمها على النظر إلى النقطة العمياء.. وفي كُلّ مرة أتساءل: إذا كانت القطة تستشعر الخطر القادم من السيارة وتستجيب له، لماذا كُتِبَ…

على محطة طريق الدمام

تأملاتي في جميع أرجاء الرياض أمر.. وتأملاتي وأنا أقفُ على طريق الدمام أمر آخر تماماً… كلّ يوم أعيشه في الرياض، هو يومٌ مزدحم.. بقدر ازدحام شوارعها وطرقها السريعة.. تملأ الرياض حياتي بأشياء كثيرة وتشعرني بالتقدم في الخط الزمني لحياتي.. بالمعنى الجيد لهذه العبارة.. وتملأ حياتي بإدمان الازدحام.. الازدحام بمفهومه الشامل، بما في ذلك ازدحام حياتي؛…

تذكّرني عيونك..

عند نهاية موسم الصيف، وفي ذكرى موسم مولدي الذي تحتفل بِه جوارحي إن لم أفعل أنا.. أغنّي مع السيّدة فيروز أو مع فيلمون وهبي .. لأيلول.. وشِتاء أيلول مع أنه ليسَ شتاءً في بِلادي.. لكنّه لطالما كانَت بداية الخريف هي موسم جدّي المفضّل وكذلك موسم أبي.. موسم أخي الأصغر الذي لا يشبهني أحد في هذا…

موسيقى الأشياء..

لوقع الأحداث عليّ، موسيقى مخصصة؛ لكل حدث يمرّ على دماغي.. هُناك موسيقى.. وأحياناً أغنية.. ليس فقط أحداث.. هي أحداث ومواسم.. ومثلما تساءلت في الصغر عن العالم لو لم يخترع البشر الحساب والشهور هل سيكون للسنين معنى؟ هل سيكون هناك أي معنى للسنة؟ قد يتبادر إلى ذهن القارئ عند النظر إلى العنوان بأنّي أقصد موسيقية الأشياء؛…

أغاني الصباحات، والهرب من شمس الصيفية..

لا شيء أجمل من صباح لا تقود سيارتك فيه.. ولا أكثر هدوءاً وصفاءً منه.. ولا قهوة أجمل من تلك التي تُعدّها بنفسك.. أن تأخذ وقتاً لتأمُل العادات الصباحية اليومية، كأنها شيئاً يحدث للمرة الأولى، هو طقس أُرتّب فيه أفكاري قبل استقبال اليوم.. لأتمكن من التحديد بدقّة؛ أي الأيام سيكون هذا اليوم، وفي ماذا سأُكرّسه.. صحيح…

عودة الموسم.. من جديد

تصحو بفعل البرد.. من المكيّف الذي لم تطب علاقتك به يوماً.. البرد البغيض الذي يُنهِك عضلاتك.. تحاول مغادرة غرفتك.. وما إن تُغادرها.. وتصطحب سجادة التمرين.. حتى تلاحظ أن الحركة كشفت عن حقيقة الطقس.. تتشبث بذلك المكيف، تجلس تحت جميع فتحات الهواء.. وما إن تُنهي تمرينك حتى تشعر بالملل.. تقاوم كل رغباتك في الخروج، فقد وعدت…

المدينة بريشة لويجي لوار

يخطِفُ جمالَ المدن الساحرة أنظاري.. يسرِقُ قلبي.. ويحبِسُ أنفاسي.. أقضِي وقتاً في تأمُلها.. مِثلما أتأمل لوحات بديعة.. أتأمل ورق الخريف الساقط على الأرصفة.. زوايا الطرقات.. وجلسة الناس في الشارع.. الجلسة والمشي بل وحتى الوقفة في الشارع لها معانٍ جمالية في نظري وكل شيء في المدينة الجميلة، له معنى جمالي.. في أيام الصيفية، لأنّي متيّمة بالفنّ..…

أمل باندورا وإرثه الباقي

يحولُ بينك وبينَ الخلاص ضغطة زر يحول بينك وبين إنهاء هذا كلّه أيقونة الإرسال يحول بينك وبين أن تعود لنفسك اتخاذ القرار يحول بينك وبين تَنَفُّسُك المُضيّ قُدُماً في ذلك.. يحول بينك وبين طعامك وشرابك ونبض قلبك السليم كتابة نهاية القصة.. يحول بينك وبين رؤياك الصافية في منامك هذا الكابوس.. لكنّه كابوس محبوك بحبكةٍ درامية…

ثقافة لوم الضحية.. لكل الضحايا

غالباً ما نتفاجأ بآراء لوم الضحية، في قضايا الاغتصاب أو التحرش، أو أي اعتداء من أي نوع على أي مخلوق.. وليس غريباً أن نجد هذه الفكرة تفسّر كل المواقف في كلّ جوانب الحياة، لدى معتنقيها.. لا يمكن للمرء الذي كما يقال في العامية “يفهم بالمقلوب” أن يفهم أي شي، تفسير البشر للمواقف والأحداث من حولهم…

مواساة لا حدود لها

أفترش سجادتين بدلاً من واحدة.. هذا المدى الحركي لا تسعه قطعة واحدة لا تسعه الأرض حينما أغضب أو أكون راضية.. ولا يسعه حتى الوقت.. ما إن أغلق عيني وأطلق أنفاسي حتى أتذكر أقصى مدى كنت أصله.. لماذا لا أعود له اليوم؟ أغلق عيني مرة تلو الأخرى يعلو صوت الكمان، ويطغى على صمت المكان https://soundcloud.app.goo.gl/65sEtuRr7BjNY4P7A وما…

أضرار غير مُعترف بها

إليكَ عزيزي الذي لا أُسمّيه.. تعرف جيداً أنّي عندما لا أبدأ أيامي بالجلوس خلف مكتبي، أمتِهنُ كتابة المقالات، أو الرسائل.. لم أتوقف عن الكتابة منذ أن ملأت دفتر والدتي بكتاباتي في عُمر الرابعة، فما كان منها إلا أن اصطحبتني إلى المدرسة، لأبدأ كل شيء في حياتي مبكّراً.. حتى ألمي الذي لقيته منك كانَ مُبكّراً ما…

الكرامة؛ قيمة إنسانية وحقاً دستورياً

“كرامة الإنسان مصونة ويقع واجب حمايتها واحترامها على كل سلطات الدولة”. الفقرة (1) من المادة الأولى من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية[1]. “الكرامة هي إحساساً داخليا بقيمة الذات، وهو مفهوم يثير التعاطف مع الآخر ويربط ما بيننا، وفي عالمنا المترابط، على هذا التعاطف أن يتوسع ليعالج أوجه اللامساواة الجسيمة التي تثير قضايا العدالة”. ماري روبنسون[2].…

ليالي الأعياد

أنتمي إلى ليالي الأعياد أكثر من الأعياد.. أحب ليالي الأعياد أكثر من الأعياد.. بعيداً عن كل ما جاء في أغاني صباحات الأعياد ولياليها اختلفت أحداث ليالي العيد عندي، ما بين مرحلة الطفولة والمراهقة وما بين الحياة العملية والعمل إلى ساعات متأخرة من ليلة العيد.. كانت أفضل ليالي الأعياد عندي هي تلك التي أنظف فيها البيت…

الطيور التي لا تستحق الحُرية

أتصوّر أن الطيور يجب أن تكون دائما مِثل طيور لوحات الفنان فريدريك شيفر، يُراد بها التعبير عن الحُرية أمام مهابة الماء ورُعب المشهد.. لكنّي كل يوم أصطدم بصورة طيور نافذة غرفتي، التي تُحطّم هذا كلّه.. منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع توقفت عن النوم ليلاًوعاد إلي الأرق وهذه ليست مشكلة، لأن الأرق صديقي القديم وأعرف…

أُصغي إليكِ معصوبة العينين

أُصغي إلى الرياضمعصوبة العينينيغطي عيناي شال أبيض اللون أصغي إليها ولا أكتفي بسماعي لها أُصغي إلى مدينتي.. ويغشاني الضباب.. يحول الطقس وكلّ هذه الحواجز بيني وبينها استكمالاً لفرحي وزهوي بشوارع مدينتي الماطرة ليلة أمسنزلت إلى الشارع بعد وصولي إلى المكتب..وأنا عائدة إلى مكتبي كانت الشمس تقابل وجهيتُركز شعاعها على عينايومن شالٍ أبيض اللون صنعت لي…

الحروف التي تموت..

لم يكن نزار قباني أحد شعرائي المفضلين في أي من مراحل حياتي ولكن ذلك لا يعني على أي حال أنه ليس شاعراً عظيماً في مقاييس عدة كنت أنتقد أشهر قصائده وأتساءل “لماذا يقول هذا؟” لمَ يخيّر امرأة بين ميتتين في سبيل الحب، إحداهما تأخذها إلى الجنة والأخرى إلى النار؟ ولم عسى امرأة أن تختار؟ وهل…

الرياض والمطر

كيف لقطرات المطر أن ترفع مزاجي إلى الأعلى.. كأنما لم أشكو من هذا الطريق ولم أغضب منه بالأمس.. مضى الوقت ولم أتناول إفطاري.. بقيت أمشي في الشارع، ولا يهمني كم من الوقت سينقضي رائحة النسيم بعد المطر تركتني متمددة أتأمل السماء من نافذة غرفتي بعد أن استوعبت كم مضى من هذا اليوم.. يغيّر المطر كل…

ليالي الغثيان.. ازدحام.. وقت ضائع

في كل ليلة، يتكرر السيناريو.. ليالٍ لا اسم لها سوى “ليالي الغثيان”. لا شعور تبعث عليه سوى الغثيان ولا شيء جيد يرتبط بها.. أضطر لإلغاء حصة الفروسية، لقضاء بعض الحاجات المهمة التي أجلتها هرباً من هذا الطريق.. هرباً من أنواره.. هرباً من إضاءات السيارات.. كل شيء يكشر في وجهي.. يمضي الوقت ولا أحد يمضي.. يمرّ…

وقت إضافي.. وطاقة

في اليومين الماضية، انشغلت كثيراً لم يسمح لي وقتي حتى بكتابة تدوينة.. يحسبني مدربي هاربة من الحصة وهو لا يعلم بأني حتى أعود ببوت جديد علي أن أركب سيارتي وأقودها لما يقارب الساعة والنصف في أحسن الأحوال حتى أحصل على بوت أقارع به تحدّيك أيها المدرب سيهلك هذا الطريق عضلة قدمي اليمنى أسمح اليوم للخيل…

ليس للخوف أن ينتصر

أصرّ مدربي يوم أمس على حضوري مبكرةً، تأخرت لربع ساعة كنت أقيس فيها الأبوات وأجهز ما ناسبني منها.. وعندما وصلت عرّفته على أختي الصغيرة، وصديقتها، بأنهم “خواتي الصغار”، مثلما أعرّف عن جمع بنات عمّي وأخواتي بأنهم “خواتي”، وأظن أن كل مدربي النادي يعتقدون أن عدد أخواتي يتجاوز العشرة.. قلت له في بداية حديثنا عن حصة…

نصائح محام؛ وانتهاكات بالجُملة

كنت في العشرين من عمري عندما بدأت أخطو أولى خطواتي في المِهَن القانونية، وكانت مكاتب المحاماة وحدها المفتوحة أمام طالبة لم تنهِ إلا سنة واحدة من دراسة القانون.. كان جميع المحامين بلا استثناء يرددون عبارات يعتبرونها جزءاً من دستورهم في المهنة، منها: “عميلك هو عدوك الأول”، “لا تصدّق عمليك ولا تثق به”… وإلى آخر ذلك…

في جمال الشعر النبطي

نادراً ما كان يجذبني الشعر النبطي حتى كبرت قليلاً وهِمت مع الشعر الغنائي وكانت الأغنية الخليجية هي أكثر ما يثير حزني لفرط قربها منّي أتذكر في ليالي الشتاء قول الراحل فائق عبد الجليل “كنت آمن بالقدر.. بالقدر يومه عطاني شوفتي لك بالعمر.. يا عمر يكتب لي ثاني”.. أشغل الأغنية، لأغنيها مع رباب.. في كلّ المرات…

بعد أن انقضى الأذان

وصلت المنزل بعد أن انقضى الأذان وانتهى الفطور أكلت شيء سريعاً وها أنا أقف على سجادتي في غرفتيعند نهاية اليوم الطويلأتنفس لأنفض عن صدريغبار العالمحقيقة ومجازاًألوذ بغرفتي فراراً من العالممن كل شيءوما إن أُنهي تمرينيحتى أنظر إلى سقفها بعيني حالمٍ إلى السماءيارب هل من مزيد؟يكتب لي منسّق الناديأن مدربي قرر تبكير الحصةفأشكره، لأني مستعدة الان…

أن تقرأ لنفسك، بلغةٍ لم تكتب بها

أن تقرأ لنفسك بلغة ثانيةهو أمر لم أفكر فيه كثيراًحتى سُئلت من شخص لغته الأم هي الهولنديةعن ميزة الكتابة بالعربيةولماذا تفضلها نوف إلى هذا الحد؟بعد إجابتي التفصيليةعن حبّي للغتي الأموشعوري بأن ما أحكيه فيها هو الحقيقةوما دون ذلك محاولات للوصفأي كان مستوى إجادتي للغةفإنّي أعتبر كل اللغاتمحاولات للتواصلإذا جاء الأمر عند ما أكتبه عن نفسي…

العودة بعد الجُرح

أعود إلى الخيلأعود إلى ركوبها بعبارة أكثر دقة..لأنّي لم أعد إلى ارتباطي بهاحبّي لها وثقتي بها.. وكأنّي حاكم عاد إلى بلدته بعد تعرضه لانقلاب طعناً وغدراًأعود إلى ذات الميدان الذي سقطت فيه بفعل الخيل غير المؤهلةليته كان خطئي لأصححهليتها كانت قفزاتي الأولى في الفروسيةحتى أتذكرها لأضحك عليها لاحقاًلم يكن خطئي وفقدتُ ثقتي بالخيلفقدت ثقتي بطاعتهاباستجابتهاوبهذا…

كتابة الشعور

إن أكبر إساءة للنص الأدبيهي إنشائه بصورة النقيض لمشاعرناخروجه مقيداً بألف قيد يفصله عن الحقيقةوإنّ الغياب عن الكتابةأفضل من كتابة أشياء غير صادقةأن يُناقض ما تقوله ما تشعر بهأن يقف ضدّه وفي وجه صدقه وسلامته..ذلك هو ما يجعل المرء يبتعد عن الكتابةأوقات كثيرةيحاول فيها المحافظة على ما تبقى له من الشعور بالحقيقةحتى لا تدنس كلماته…

غياب التدوين اليومي- التحديات والأسباب

في أول مرةٍ قرأت فيها للأستاذ يونس عمارة، المدوّن الذي عرفته بتدوينه اليومي دون انقطاع منذ ما يزيد عن سنة، قرأت مقالته التي شرح فيها طريقة تجاوزه للمزاجية والانشغال الشديد في رحلته للتدوين لمدة ٧٨٨ يوماً دون انقطاع. لم يشدّني في العنوان لفظ “المزاجية”، لأنّي أعرف نفسي جيداً بأنّي لم أكن يوماً مزاجية ولم أكُن…

انتصار القُبح

يقول فولتير: “اسأل ضفدعاً ما الجمال، سوف يجيب بأنها زوجته الضفدعة بعينيها الدائريتين الكبيرتين الجاحظتين من رأسها الضئيل، عنقها العريض المفلطح، ظهرها البني، اسأل الشيطان سوف يخبرك أن الجمال هو زوجٌ من القرون، أربعة مخالب، وذيل”. عوضاً عن “اختنقت بجرعة زائدة من مادة..” تكون العبارة الأصدق والأكثر قربًا للواقع واتفاقًا معه “اختنقت كرد فعل تحسسي…

مطر على عطشي

إن الغاية من نزول المطر ليست غسل الأرض، إذ لا يغسلماء المطر مركبتي ولا هو يغسل شوارع وطرُقات مدينتي..لكن المطر بالنسبة لي هي لفتة السماء وذكراها لروحيالرحمة التي تنبهت حاجتي لما يغسل هذه الروح من دنس الأيامولا أخالني أحب مطرًا غير مطر الصحراء، الذي لا ينفك يذكر روحي الرحالة بالصحراء الباردة الممطرة.. الغائبة الحاضرة في…

مرسال المراسيل، في بريد بلا أوراق

عرفت كتابة الرسائل متأخراًلم تكن الرسائل سهلة وطيّعةً لي في مراحل عمري المبكرةكانت كتابة المذكرات سهلة ولم تسبب لي المتاعبوكان التدوين فيما بعد هو أكثر ما أحبّ فعله..لم أتعلّم كتابة الرسالة إلا بعدما فاضت مشاعري وحُمِّل صدري بما لم يحتمل..كنت أغنّي مع السيدة فيروزوأنادي مرسال المراسيلالذي كان في مخيّلتي مقصوراً على أهل الضيعة القريبة وربما…

الخصوصية وكرامتنا الإنسانية

الخصوصية ليست إحدى مُشكِلات الحياة الحديثة، ولم تُخلَق بظهور العالم الرقمي، هي قيمة مُعترف بها منذ زمن ليس قريب باعتبارها حقاً دستورياً، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيمة الدستورية الأهم “كرامة الإنسان”. إن الكرامة الإنسانية هي قيمة إنسانية أصيلة تثبت للإنسان بولادته، وليست مكتسبة أو مرهونة بنظام قانوني، وقد كانت موضوعاً له أهمية في الفلسفة واللاهوت، قبل…

السفر عبر الزمن: إلى ماضٍ سحيق

أسافرُ عبر الزمن في كلِ يوم.. أرفعُ ثيابي المسدلة على قدماي وأمتطي دابّتي ما إن أستمع إلى تلك الحوارات تلك الأفكار البالية والعقلية الرثّة والآمال والأحلام المهترئة حتى يعُودُ بي الزمن إلى الوراء إلى ماضٍ سحيق، ليس بهِ طرق حتى تُصبح منحدرة هو كلّه منحَدَر.. يفاجئني ويربكني هذا الكم من الثبات.. الصمود.. والجمود.. هذا التحجّر،…

حياة الروح: عن الرياضة

لا يسعني المقام اليوم للحديث عن علاقتي بالنشاط البدني، التي ابتدأت في سنّ مبكرة، وتحديداً في الخامسة من عُمري.. أود فقط أن أتذكر دائماً، أنّي أتحرّك لأتنفس، ولا أتنفس لأتحرك.. أتحرك لأفكّر، وأنا التي تعيش لتفكّر.. كان همّي الكبير هو ترجمة مقولة ديكارت الشهيرة “أنا أفكّر إذا أنا موجود” في الوقت الذي كنت أقطع فيه…

عشبة يحييها الصبح: عن صديقتي هيفاء

“كعُشبةٍ يحييها الصُبح ويُبهجها المطر” تصِفُ هيفاء نفسها بهذه الكلمات.. عَرُفتها في نهاية العام ٢٠١٤، كانَ لها صفحةً استثنائيةً.. تفوح من صورها رائحة بخور العيد.. تغمرك نوافذها برائحة الياسمين، وهي تفتح النافذة على صوت فيروز “في باب غرقان بريحة الياسمين”.. تصوّر قهوتها فتأتيني رائحة القهوة كلّما تأمّلتُ صوَرها.. رأيتُ صورةً لمعصمها مع فنجان القهوة، معصماً…

غريزة الشيطان

لم تشعر الملائكة بالغيرة من آدم ولم تبد أي استياء من أمر الرب بالسجود له.من هنا كانت العلاقة بين الملاك و البشرفلا يمكن للملاك أن يحسد البشرالشيطان وحده من يفعل ذلك. – كتبت هذه الكلمات في مذكرتي، ٢٠٠٦. تشترك جميع الكائنات الحيّة في وجود الغرائز.. وإن كان البشر قدّ حدوا من تلك الغرائز وعدّوها خطايا…

يا كروماً لنا حاليات الجنى- تأمّلات في قصيدة

للأخوين الرحباني قصيدة بعنوان “يا كروماً لنا”، غنّتها السيدة فيروز، صحوت باكراً أتأمل كلماتها الآتية: “يا كروماً لنا.. حالياتِ الجنى ضاحكات الشفاة للسلال أنت فوق الذرى.. حلم هذا الثرى واشتياق الشموس للظلال”. “متى يا حبيبي ونحن كروم حنين قطاف هوانا الضنين متى يا حبيبي؟”. “يا حبيبي تعالَ فالخريف صديقنا الأليف يلفّنا بالطيوبِ يا حبيبي هيّئ…

عشاءٌ أخير؛ بمعنى قريب

ربما كان السير جون ويليام أشتون، البريطاني/ الأسترالي يودّع باريس وعزّ عليه أن يترُكَ ليالي السين دون أن يقدّر هذا البهاء والجمال بريشته وطبعاته.. هذا النَهر خالِد الجمال والبهاء.. الذي يأبى أن يُشبهه أحد، ويأبى أن يتنازل عن جماله.. ولا عن لياليه الحِسانِ النّيِّرات.. مثلما الإنجليزي سير جون أشتون أنا العربية أتلخبط في وداعِ باريس..…

مُدُن الحُبّ: بالمعنى الرأسمالي

مُدُن الحُبّ/ مظاهر الحُبّ/ تنَفُّس الحُبّ/ مشاهِد الحُبّ/ هالة الحُبّ/ أنوار الحُبّ مصطلحات يأتي على ذكرها كثير من العرب ويمتلئ بها المحتوى العربي في سياق وصف مظاهر الحياة في مُدُن رأسمالية متوحشة لا يمكن للشخص فيها الخروج مع أي شخص دون حساب تكلفة تلك اللحظات من فاتورة ضمانات قانون الأحوال الشخصية الآجلة.. بعيداً عن الرومانسيات…

قانون يُعاني من متخصصيه؛ إنما هي حقيقة الأشياء

*عندما رسم روكويل هذه اللوحة، لم يكن ظهر بعد أي من محامي إعادة تغريد القرارات.. ربما يكون أكثر ما أكتبه إثارةً للسخط أحياناً.. والاستغراب.. أو الإعجاب في أحياناً أُخرى هو حديثي عن الغباء، عن محدودية قدرات البشر.. إن كلّ ما يستثير غضب الأشخاص ممن يظنون جهلاً بأن الفضاء العام ملك أيديهم، ولا يمكن لأحد أن…

ترنيمة سلام لأرواح الوحيدين

https://soundcloud.app.goo.gl/Njcu6o3MTvZF27gT7 لأرواحٍ ميّتة.. ولم تزل تشعُر أنّ في الصدرِ قلبٌ ينبِض، ونَفَسٌ يتردد.. -لم تركت نفسكَ وحيداّ؟ ولم اخترت أن تكون في أعداد الوحيدين، باكياً على قارعة طريق، تائهاً في أرجاء الأرض باحثاً عن مأوى.. – كنتُ أدعو الناس، كلّ الناس، في كل يوم إلى لقائي.. ولم يحدُث أن التقيتهم، يتوقف الأمر عند الدعوات دوماً..…

الفرنسية؛ في جمال وبهاء لغة

بدأت علاقتي باللغة الفرنسية في سنّ مبكرة جداً.. فبركات البرامج اللبنانية التي كانت تُعرَض على التلفاز لم تتوقف عند إشعال شغف الرياضة فيني وحب الفنون، بل سمّعتني الفرنسية لأول مرة وابتدأت أعتاد على سماعها.. التمارين الصباحية.. أ دو تغوا.. لم أتعلم الفرنسية بعدها إلا في المرحلة المتوسطة من دراستي، أهدتني أختي كتاباً لتعلمها -كما كُتِب…

تِهنا بِقُربُه..

أستمِعُ إلى نداء الترحيب بالوصول”رواسي شارل ديغول”الاسم الذي كلّما ذكرته أمام والديذكّرني بالإرث الاستعماري، وبذكرى ديغول التي ارتبطت باستقلال دول المنطقة التي كانت مستعمرات فرنسية. عِبارة وإن اختلطت بذكرى صوت والدي وحزني بأنه ليس هُنا، إلا أنها قدّمت لي الثلج على أيامي الفائتة المحروقة بكل الظروف والعوامل..أتنفس جيداً حتى أستشعر وجودي في المكانتستقبلُ الرئتان النَسيمأمضي…

عن علاقتي بالموسيقى الكلاسيكية

كانت الموسيقى العربية هي نوعي المفضل من الموسيقى طوال المراحل المبكرة من حياتي، ولم إختبر علاقتي بها لعدم رغبتي في الاستماع إلى غيرها.. بالتزامن مع ذلك، لم يكن الصداع رفيقي في أيٍ من مراحل حياتيوكان أول لقاء بينناعندما عملت في مكان ينقصه الأكسجينكان مبنى مُوصَد النوافذلا يعرف الهواء طريقاً لهوفي أيام الشتاء يشعر سكّان المبنى…

ماذا أفعل بدفاتر أشعارك؟

كُنتُ في مرحلة مراهقتي عندما غنّيت مع كاظم الساهر للمرة الأولى “إنّي خيّرتُكِ فاختاري” استنكرت سؤال الشاعر لحبيبته! هل هذا سؤالٌ يُسأَل يا نزار؟ كيف يمكن لعاشقةٍ أن تختار البقاء والخلود بدفاتر الأشعار وتترك خِيار الموت على ما تُحِب؟ بعد عشرِ سنوات، وفي ليلةٍ من أسوأ ليالي آب.. استلقيتُ على سريري وحيدةً مُثقلةً بشعور اليقين…

رؤيا مشوبة بالحنين

https://soundcloud.app.goo.gl/DwGDQ2RBaPjmHNTv7 أصغي إلى صوتِ صمتيأصغي إلى الصمت بداخلييأتي صوت الكمان بخيوط الشمس إلى المكانأفتح عيني لأرى صباحًا أطلَّ وابْتَسَمَ..لا شيء يوحي إليّ بأهمية الحركةأو القيام لهذا الصباحأُطيل نظري إلى السقفوأتأمل انعكاس شُعاع الشمستتبعثر الأحداث التي أتى بها الصباحتسقط من حقيبة السماءرثّة ومتداخلة بعشوائيةتتبدل أنفاسي مع كُلّ نغمة سقوطولا يزال الصمت يُطبِقُ على روحييُطفئ انفعالاتيأُشيح ببصري…

في المطعم القديم

للأماكن التي أُسمّيها “الرياض القديمة” في قلبي معنى خاص.. لها ألق خاص، لها روحها، وهويّتها الفريدة.. لم أتمكن من السيطرة اليوم على دموعي بعد موعد طبيب الأسنان.. كان الغُبار يُغطي كل شيء، يقضي على ما تبقى من خطط نهاية الأسبوع، ويُنذر بليلةٍ كئيبة من ليالي شباط.. وأنا أكتُب رسالة الوداع، للمرة ليست الأولى، وليست الأخيرة…

القيمة القانونية لديباجة الدستور

ديباجة الدستور هي نصوص تبيّن المبادئ التي يسعى الدستور إلى تكريسها وصَونها، ومثلما تمثل الدساتير المبادئ التي تقوم عليها الدولة، تمثل الديباجة المبادئ التي يقوم عليها الدستور. تحدد الديباجة فلسفة النظام السياسي في الدولة وأهدافه المستقبلية، والمبادئ الأساسية للمجتمع وحقوق الإنسان وحرياته، وتعبّر عن الالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي العام. وقد سعت السلطات التأسيسية حول…

تأملات في “سرٍّ” لستُ أدري ما هوَ

ليست هي القصيدة الوحيدة التي تأسرنيلإبراهيم ناجيفصوفية الشاعر تترك بصمتها في روحيكلّما قرأتُ له قصيدةناجي هو شاعري الصوفي المفضل لكنّ قصيدة القيثارةالتي عُرِفت بمطلعهاوأصبح الناس يطلقون عليها قصيدة”أي سرٍّ فيكَ لستُ أدري”لها طابعاً خاصاً وبصمةً خاصةكأن ناجي فيها يصف ما يعجز جميعنا على وصفه من الحبفالحبّ، أو شعورنا بالحبّ هو حالة نفسية يصعب وصفها وحينما…

لا تُطوى المسافات، إنما أيامك..

في خضم معركة الزحامأقطع الطريق السريععائدة إلى المنزل مساءًبعد يوم مليء بالعمل أستمع إلى أمل دنقلأُصغي إلى صوته قادماً من مكانٍ قريبقريب من صوتي الداخلي.. قادماً منّي إليّ. لا شيء يخيفني في طريقي..ولا شيء يواسيني فيه إلا الشِعر.. يسير من أمامي جمعٌ من المشاةتاركين أجسادهم وحدهاتواجه كل هذا الزحاموأنا أتحصّن بكل هذا الحديد من حولي…

فساتيني التي “أصمَتُّها”

كنتُ بجعةً بيضاء.. تدور حول ذاتها.. عند المساء.. في بحيرة البجع..لكنك لم تترك لي إلا أياماً متشحة بالسواد لم يبق عندي ما أقولهلستُ مضطرة لتعريف نفسيبصفاتي التي لم أتصّف يوماً بغيرهابنُبلي ووفائي وإخلاصيبصدقي وتفرّد مشاعري لم يبق عندي ما أحمله في صدريأكثر مما حملت، وحُمِّلت وتحمَّلت.. في كل مرةٍ كنتُ أُمسِك بيدي بأصدق شعوربأنبل عاطفةوفي…

هذا الصمتُ لروحي وحدها

لا شيء يوجعني في سريري.. ولا حتى الكونلا شيء يؤلمني عند عتبة الخلود.. ولا حتى ما لم أستطع فعله.. أتأمل السقف.. النافذة.. والنور الساقط على الأشياء في غرفتي.. يستعرضُ الكون ما لديه من موضوعاتٍ لي..قائمة مفصلة طويلةمصاغة بصورة قصيدة عمودية أتأملها بهدوءوأُكمِل استرخائي وفِعل اللاشيء..تمضي الساعات.. واحدةً تلو الأخرى تقطع الصمت سلسلة أفكارلها صور جمالية…

ما دُمت تُقاوِم..

لا سبيل للخلاص من شعورك بكل الأشياء من حولك.. لن يتجمد شعورك يوماً لا الأيام تخفف عنك حمل الأحداث الغريبة ولا الناسُ تعبأ بأمرك ولا ذاكرة مناعية لخلاياك العصبية لا تكتسب المناعة من أي ألم نفسي مع مرور الوقت ولا بتجربته مراراً الألم هو الألم لا شيء يغيّره.. أو يخفف من وطأته على قلبك ما…

أن تكون الكتابة حلقة وصل بينك وبين العالم

ماذا يعني أن أدوّن كل يوم؟عقدت العزم في منتصف الخريف أن أكتب كلّما شعرت..أن أكتُب إلى الأُفقِ البعيد غير آبهة بمحطات أي طريق.. أن تكون الكتابة حلقة وصل بيني وبين العالموسيلة تواصلي مع ساكنين..أن أُعبّر عن الحاجة إلى التواصل من خلال الكتابة أن أُمارس الصوم عن الرسالة الخاصةوأحيلها إلى تدوينة منشورة.. أن أُحادِثُك في العلن..…

تأمُلات في ثورتي على مشاعر الشك، وما عشقته “من أجل عينيك”.

مِثل الغمامة السوداء عتمةٌ يغشى بها الشك بصر المحبوب ثقلٌ يجثم على صدره لا يعلم ما يفعله في صراع بين المَحكِي وبين المكنون في الصدور والحقيقة غير الظاهرة.. بين ما يَشعُر به، وما يحذره منه عقله.. “كأنّي طاف بي ركْبُ الليالي” كأنما مضت الليالي ومعها الناس ولم ألحق بهم وأعرف حقيقة ما يقال.. “وما أنا…

مواجهات مع عدالة الحياة- الجزء الأول

المشهد الأول يلعب أحمد في فناء بيتنايعتني بحيواناتي الأليفةيرافق أخي طوال اليوم كمن لا يملك بيتاً يعود لهيستخدم أقلامه ودفاترهويتقاسم معه وجبته المدرسية يتأخر أحمد عن أداء دروسهيتغيب عن مدرستهيختبئ خلف جدرانِ منزلنا يعود أبي من العمل فيجده جاثٍ على رصيف المنزلمطروداً من بيت والده يعود أبي فيجده يبكييصحو أبي فيسمع صراخ طفليتجه إلى البيت…

تأمُلات في سكبِ كأس

يقول جوزيف حرب “فاسكب فعُمري في يديك ثوانٍ” وكلّما قرأت القصيدة أو سمعتها مغنّاة، يأسرني في كل مرة مجددًا تعبيره.. ما الذي ألهمه رؤية هذه الصورة الجمالية؟ أن يكون بينه وبين محبوبه خمرةٌ وأغاني ومن ثم فإن سكب الخمرة يختصر عمره بين يدي المحبوب في ثوانٍ.. يستكمل حرب التعبير عن الموقف النفسي في نشوة الحب..…

خطيئة الأخ الأولى

نحت هنري فيدال (١٨٦٤-١٩١٨) تمثاله المشهور ورائعته الفنّية Cain, after having murdered his brother Abel في عام (١٨٩٦) ومع أنّي لا أذكر عملاً آخر لهنري فيدال، إلا أن هذا التمثال من القطع الفنية المفضلة لدي والتي أقضي وقتاً طويلاً في تأملها.. لارتباطها بالقصة الدينية عن قابيل قاتلَ أخيه هابيل.. لا أتوقف كثيراً عند خطيئة أبينا…

أيامٌ كاذبة

هذه الأيام كاذبة.. مثل رجلٍ رأى حسناء مدينته فنسي زوجته.. لم ينس أن يخبرها بأنه متزوج، لكنه نسي أنه متزوج حقاً.. وتوّج عُرسَ نسيانه بأن دعاها إلى بيته.. لم تظهر الحسناء مرةً أخرى أبدًا.. ولا هو نسيها أو ذكرها أبدًا أيامٌ توهمك بجمالها، وما إن تلتفت لها حتى تُدير ظهرها إليك.. ترمقني بنظرة متشككة “هل…

عدم الاكتمال..

مثل ياسمينة زرعت بين غابات نخيلِ.. أصابتها العدوى بداء النخيل ولم تكمل دورة تنفسها.. ومثل قطة ماتت على جانب الطريق.. لم يمهلها القدرلحظةً لم يمنحها الحظ فرصةً للعبور إلى الضفةِ الأخرى من الطريق الإسمنتي الطويل.. ومثل غيمة احتبس فيها المطر.. لاهي أنزلته وروت به الأرض ولا هي تخففت من حمله.. يخيفني عدم الاكتمال.. وأستدعي فكرة…

بلادٌ تخنقني بذكرياتنا معاً

في ليالي الشتاء التي لا أجد فيها عملًا يُسلّي وحدتي ويبرر لي غيابي غير المبرر عن الحياة.. يحاصرني الأرق.. تمضي الساعات ويحترق الوقت تنتهي القصائد.. وأختنق بذكرياتي.. أختنق بكل زوايا المدينة التي جمعتنا.. عند الفجر في غرفة الإسعاف تسألني الطبيبة عن موعد عودتي من السفر كي تبني تصورًا عن علاقة محتملة بين أوميكرون وبيني أجيبها…

هذا الليل ليس للبكاء بين يدي زرقاء اليمامة

أتنقل بين قائمة مفضلاتي من الشعر الذي يساعدني على النوم.. ومابين سفر التكوين وكلمات سبارتاكوس الأخيرةلا أمتلك الليلة حرية من يقول لا لهذا العالمأستمع إلى ما يعينني على مواجهة القُبح مرةً بعد مرةتتناثر أوراق أبي نواس من حولي حتى يلف الظلام سقف غرفتي ويحجب عني رؤيتها..لكن الطواحين لم تتوقف بعد في رأسي.. تدور في رأسي…

أمل باندورا

أسير في الممرات الضيقة.. قاصدةً مكاناً لم أختبره.. لكن الوصف عبأ مخيلتي بما يعرّفني عليه دونَ أن يُرشِدني بدقةٍ إليه.. أتوقف عند رمزٍ أعرفه! أعرفه جيدًا حتى مع ضبابية الرؤية، وبخار الماء الذي غطى الزجاج.. عند عتبة الباب تقترب امرأة فارسية تكنس المكان وتحييني بالفرنسية “بونجوغ مادموزيل؟”.. أردّ التحية عليها وأتذكر أن فرانكوفونيتي ما هي…

على شاهِدِ قبري: الملاك المُنتَحِب

تأسرني دائمًا فكرة الكتابة على شاهد القبر، كلمة أخيرة للحياة، يقولها الميت بعد أن مضى عهده فيها، لا التزامات عليه، ولا خوف من سوء الأقدار أو من تبعات كلمته.. أعجبني ما كتب على شاهد قبر محمود درويش من كلماته التي علقت كثيرًا في ذهني “على هذه الأرض.. سيدة الأرض، مايستحق الحياة!”، كذلك ما كتب على…

الفضول المعرفي وشغف التعلّم

في كل مرة أشرع فيها في الكتابة عن أهم مراحل حياتي، أجدني أتوقف عند مرحلة الطفولة أو مرحلة الدراسة الجامعية.. كأن عمري ينقسم إلى مرحلتين: كنتُ طفلة ومن ثم دخلت الجامعة..كُنت طفلة تصحو مبكرةً حتى لا يفوتها اليوم ويبدأ بدونها.. أصحو مع طلوع الصبح في جميع المواسم، أركض إلى التلفاز وأتأكد من تشغيله إذا تأخرت…

سِر.. فقد طال وقوفك في ظلال الحيرة

“صَعدتْ إلى شفتِي بلابلُ مُهجتـي.. ليَبين عنها منطقي ولسانـي”. -محمد إقبال. على امتداد رحلتي في ريف الجنوب الفرنسي، وتنقلي في منطقة Provence-Alpes-Côte d’azur لم أركب السيارة إلا مرةً واحدة كانت عند قدومي من المطار.تنقلت بين القُرى الواقعة على الجبال ونزلت إلى ضفاف النهر، على قدمَيْ.لم يكن غريبًا علي هذا، فقد اختبرت تجربة إطالة المشي، واستخدام…

سماوات مُزيّنة بالنجوم.. على ضِفاف رُدانُس..

خصصتُ هذا الليل للمشي ولا شيء غيره، وما إن خرجتُ من غُرفتي حتى أخذني صمتٌ مهيب، لا وجود لأي مصدر ضوء حولي.. أرى طريقي من خلال نور القمر الساقط على الأجسام.. تأخر الوقت كثيرًا.. مشيتُ كثيرًا وما زلت أنظُر إلى السماء مجددًا وأستشعر هيبة المشهد، وجماله، وجلاله.. في حضرةِ مشاهد كهذه، وفي مواجهة الطبيعة، كلما…

غياب الآلهة.. المفترض

تغيبُ الآلهة عن كلّ سماءٍ تُظلّهم.. وتُشيح بوجهها عن أرضٍ تحتضنهم.. لو أنّ الجبال استحالت بفعل السِحر إلى مرايا.. أتُرى سيرون أنفسهم؟ أم أن جنون عظمتهم سيُخيّل لهم أنهم أعظم من مشى على الأرض كما في حالة غياب الانعكاسات وضبابية الرؤية.. تغيبُ الآلهة ولا تعود أبدًا لسماءٍ تعلو من لم يبنِ شيئًا.. ولم يقدم شيئًا..…

متلازمة الرجل المعنَّف..

كانت جارتنا في الحي “مُنتهى” امرأة معروفة بشخصيتها القوية، كانت البنات تراها قدوة لهن في تفوقها العلمي ونجاحها في عملها.. أبعدُ ذكرياتي معها وجودها دائمًا في حملات التطعيم قبل انضمامي لصفوف الدراسة.. وبعدما ذهبت إلى المدرسة، كانت تأتينا في حملات التطعيم المدرسية أيضًا، وما إن تراني حتى تُلقي التحية عليّ وتسألني عن حال والدتي ووالدي…

لا أريدُ لهذه اللحظة أن تموت..

في كتابها “حول الفوتوغراف” تقول سوزان سونتاغ “أن التصوير فعل مشوب بالحنين، فن رثائي على أشيائنا الحميمية، وأن الضغط على زر الكاميرا يشبه الضغط على زناد بندقية في اقتناصها للحظة مع فارق التشبيه بين الآلتين، فنحن إذا انتابنا الخوف نطلق الرصاص وإذا انتابنا الحنين نطلق الصور”. وتقول أيضًا “الصور الفوتوغرافية التي تعبث بنظام العالم، تصبح…

المدينة المتوحدة.. بذاتها

يقول إدوارد هوبر عن أعماله ” إن العديد من لوحاتي كانت مستلهمة من المدينة..إنها قطعة من نيويورك بكل بساطة، هذه المدينة التي تثير اهتمامي جدًا”. “أكثر لوحة نملكها إثارةً للمشاعر، وأكثر لوحة رومانسية تم إعادة استدعائها لتصف بدقة الشعور بالوحدة في أمريكا” -جويس كارول أوتس، عن Nighthawks. كثيرًا ما شغلتني لوحة الفنان الأمريكي إدوارد هوبر…

عطش البُعد..

لم أفكر يومًا أن أدون أي مذكرات.. أو حتى ملاحظات عن السفر.. المطارات.. أو حتى الرحلات.. القصيرة منها أو الطويلة.. أكون غارقة في تلك اللحظات باللحظات نفسها.. وربما أكون مدفوعةً بشعور الرغبة في المغادرة.. الرغبة في البُعد.. وضرورة القطيعة مع أي شيء أفعله في أيامي العادية.. كل شيء في الطريق من منزلنا إلى المطار غير…

متى نامَ القدرُ الساهِرُ عنَّا؟

“قال لي القلبُ: أحقًّا ما بلغنا؟ كيفَ نامَ القدرُ الساهِرُ عنّا؟ أتُراها خِدعةٌ حاقت بنا؟ أم ظنّة مما ظننا؟” – أقرب الأبيات إلى قلبي، من قصيدة الغد لشاعري المفضل الراحل إبراهيم ناجي. قصيدة الغد- صورة الخلفية لي في التاسعة عشرة من عُمري كنتُ أنام على هذه القصيدة قبل سنة من اللحظة التي قُلتُ فيها ما…

فاحمل أفكارك وحدك..

إن أقسى ما في الخيل أنها تعاقبك على توترك بدلًا من أن تحمله عنك.. هذا ما كتبته بعد أول سقوط لي من الخيل قبل سنة من اليوم..كانَ التوترُ طارئًا علي.. واليوم أركب الخيل وأتنبه ذلك التوتر.. وكأنما طال به المقام عندي..كلّما قاومته.. أتاني بعمليات استطيان في نواحي جديدة..كلّما حاولت قتله.. قتل فيني شيئًا أريده.. والعالم…

الأنا الأولى

يقول فرويد “الأنا الأولى هي الجسد”ودائمًا ما فكرت بعلاقة المرء بجسده.. وحظت باهتمامي معاني هذه العلاقة وتفسيراتها وانعكاساتها على حياة المرء..جاءت الأفكار حول الجسد إما مقدسة له أو مدنسة له بعدّه مصدر الخطايا والآثام..وأنا إذ أفكر في هذه العلاقة، أتأملها وآخذها جانبًا عن التحليلات العلمية أو التفسيرات الفلسفية من الخلفيات المختلفة..أرى أن الجسد بوابة الروح..…

%d مدونون معجبون بهذه: