-
تأمّلات في قصيدة نجوى
للشاعر عبد المنعم الرفاعي قصيدة بعنوان “نجوى” لحّنها وغناها الفنان محمد عبدالوهاب، هذه التدوينة عبارة عن تأمّلات في جمال القصيدة. “تجري وأحلامي في غيّها تمضي .. إلى حيث البعيد البعيد أنتَ مُجدٌ سالكٌ دربه .. يدفعه الشوق إلى ما يريد ولي خيال سارحٌ بالمنى .. يسوقني حينا وحينا يحيد كأنني والكون في قبضتي .. موزعٌ…
-
نبتٌ طيّب
مِثلَ زرعٍ طيّبأصلُهُ ثابتٌ.. مُنفصِلٌ عن جذره السماوي..عانى انفصالهُ عن فرعه في السماء..ليهبِطَ إلى أرضٍ اختطفتها الأساطير.. كانت رسالتُهُ أن يحررها من سيطرة الأسطورة، ويكسو أيامها بنورٍ يضيء بفعل زيتِ الشجرة الأصل التي انحدر منها .. بنور العلم والمعرفة التي لا تنضب! لكِنّ بنو الأسطورة لم يرضَ أحدٌ منهم بذلك، وكعادة القوم الذي لم يهتد…
-
ما أشرَقَ فيكَ منّي..
“إنما يصدقك من أشرق فيه ما أشرق فيك”. – مقولة تُنسب إلى ابن القيم الجوزية تارةً وشمس التبريزي تارةً أخرى، ولست بصدد تحقيق نسبة هذه المقولة لصاحبها، ولا عن المعاني الكثيرة التي تحملها وتحتملها، ما يُهمني اليوم هو تأكيد الأيام لي على صحّة أحد معانيها. لن يصدقك إلا من شعر بك، عاش تجربتك، أو آمن…
-
ليالي نيسان
للربيع في ذاكرتي ألقٌ خاص، كل ما تحتفظ به ذاكرتي من جمالٍ للطبيعة في منزلنا العتيق مرتبط بالربيع، وإن كُنتُ ابنة الخريف! رمضانٌ والناس صيام، وأنا طفلةٌ لا يعنيني ذلك شيئاً، أركض في باحة المنزل وأجمع الفراشات على كفّ يدي، وما إن فُتِنتُ بها وقررت تربيتها، وصنعتُ لها من دولابي منزلاً حتى ماتت! “للطبيعة أحكامها،…
-
اغتيال حُلُم مع وقف التنفيذ
أُقدِّم في هذا النص فصل واحد من سيرةٍ ذاتية، جادَت بِها مخيّلتي عليّ، وخط بها قلمي ما أراد حكايتَهُ منها في سبعة مشاهد، تأملتُ فيها دروساً مختلفة مما أفاضت بِهِ التجربة على ذاكرتي الأدبية. المشهد الأول أمضي إلى المعنى وفي يدي تتناقص المعاني.. أمضي إلى المعنى وفي روحي تتأجل الحياة.. أمضي إليه ومن روحي يستمد…
-
أن تُصهَر اللذة بنارِ العاطفة
“إنّ اللذة تبقى مُلطّخة، ما لم تُصهَر بنارِ العاطفة”. لم تكن علاقتي جيدة بسيمون دي بوفوار وزوجها سارتر، ولم تزل، لا أحب هذا الثنائي، ولا أستشهِد بآرائه، وفي المرّة الأولى التي قرأت بها مقولة سيمون المذكورة في مطلِع هذه التدوينة أُعجِبتُ بها، وبقيتُ أُفكّر بها لمدة ليست قصيرة. كُنتُ صغيرةً جداً على أن أختَبِرُ ذلك،…
-
قالت لي العرّافة- الجزء الثاني
من الصحراء تبدأ كُلّ النبوءات، وفيها يعي الظمآن أن ما يلحقه ليس إلا سراباً..وتنتهي بذلك بعض حكايات الأمل.. نائمةً كُنتُ وأيقظتني طيور بريّة، لا أُميّز من أنواعها شيئاً ولا أعرف من أعضاء مجموعاتها أحداً.. تركتُ خيمتي واتجهتُ بحثاً عن الماء، كان أول ما يشغلُ بالي عند الاستيقاظ صلاة الفجرِ، كانَت برودة الماء تُضفي حُمرةً على…
-
هيئة الأمم المتحدة للفتيات، وترسيخ عجز النساء
تم إنشاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة -التي عُرِفت فيما بعد باسم هيئة الأمم المتحدة للفتيات والنساء- عام ٢٠١٠ م، وتهدف الهيئة إلى أن تكون النصير العالمي لقضايا المرأة والفتاة حول العالم، وإحراز التقدم في قضايا المرأة. وبالنظر إلى أهداف هيئة الفتيات وأولوياتها، نجد أنها تركّز على عدّة أولويات استراتيجية، أوّلها “قيام النساء بقيادة أنظمة الحوكمة…
-
قالت لي العرّافة- الجزء الأول
المشهد الأول كنتُ أسيرُ في صحراء باردة.. اكتست رمالها بالحُمرة.. وترك عليها إشعاع الغروب لمحةً ذهبية.. كانت الطفلة ابنة الخمس سنين ترفع رأسها إلى السماء..تستعد لاستقبال النجوم.. غطت زُرقة المساء الأفُق.. وأضاءت السماء قناديلها.. اشتدت الرياح وقسى البرد على أطرافي.. وكان كبرياء الطفلة التي كُنت لا يسمح لي بالتعبير عن البرد، والحاجة إلى الدفء.. تمسّكتُ…
-
نشوة الصوفي في غمر تجلّي الأفكار
“لي في سماعك نشوة الصوفيّ في غمر التجلّي.. ولكل بوحٍ لذة فكرٍ كفجرٍ مستهلِّ”.. ما إن أتأمل كلمات سليم حيدر حتى أقِف لأتأمل حياته، هذا البيت الشعري تحديداً يتحدث عن نشوة الصوفي والتجلّي في عمق لوصف حالة روحية صرفة، ومن ثم ينتقل إلى اللذة التي تبتعد في الوصف الديني عن الروح لتكون أقرب إلى النفس…
-
ولهي عليك.. لا على الكتابة
لم يسعف تدويناتي وقلمي الذي أوشك أن يجف ولهي على الكتابة، فطوال الأيام الماضية كنت أحنّ إلى نقرات أصابعي على لوحة المفاتيح وأنا أُفرِغُ ما في صدري أو أنثر ما تغنّى لي به فكري في تدوينة أو ربما رسالة. كان ولهي على الكتابة قوياً، ولكنّي لم أشأ أن أجبر نفسي على ذلك، فالحروف التي يكتب…
-
ليالي استقبال الشتوية وصفاء الزمان..
أسيرُ في شوارع وطرقات مدينتي.. تأخذني سيارتي على مهلٍ وتنحني بي أينما مال الطريق.. أفتح نافذتي لأستشعر نسمات الخريف.. وحلقي المُحتقِن يتحرى نسمات الشتاء دون صبر.. يتغيّر شكل المدينة ويذهبُ إلى أقصى حدود الجمال ما إن يأتي إلينا الشتاء، فصلُنا الموعود والمُنتظَر.. يُغنّي طلال وأُغني معه طوال الطريق، وعند نهاية المدى.. يقترب الطريق إلى نهايته..…
-
لا فائدة من الصراخ.. في مساء خريفي
ابتدأ هذا اليوم باكراً، وصلتُ باريس عند الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحاً.. لا الصباح الباكر الذي يغطيه الظلام.. ولا الليل الصاخب الذي تطغى عليه ثيمة الإضاءة الصفراء يُشبِعُني لأكتفي بما نلته اليوم وأنهي السباق مع الزمن بنومة هانئة.. أوراق الشجر المتساقطة على الطرقات.. الرياح القوية التي تسبق العاصفة الرعدية.. إرهاق اليوم الكامل.. والسلالم التي…
-
رحى الأيام
للمرأة العربية في التراث علاقة وطيدة وذات نوع خاص بالرحى، والرحى هي أداة تقليدية تتكون من حجرين كبيرين مستديرين، يعلوهما قُطب الرحى الذي يتم تحريكه بشكل دائري ليتحرك الرحى ويطحن الحبوب.. يطبق الحجر على الحبوب ومع كل حركة مستديرة تُطحَن الحبوب.. وكلما كانت الحبوب صلبة كلما احتاجت المرأة إلى قوة وخشونة أكبر في طحنها.. ويُنسب…
-
أدوار مُرهِقة.. على حافّة مسرح العالم
كم يشوه حروفنا نزع الحقيقة منهاكم يميت أرواحنا غياب الحقيقة عن حياتناونحن نشترك في زيف هذا العالمونجدد اشتراكنا كل يوم لآداء أدوارنا في هذه المسرحيةمسرحية لا نتقاضى عن آدائنا فيها أي أجر.. تنزع منّا صدق مشاعرناتحجب عن العالم بستائرها حقيقتناوتقدّم لهم ما تم رسمه مسبقاً للمشاهدةللمعاينة والاستماعوتصنّع الاستمتاع.. تُخسِرنا كل شيء..حتى أموالنا التي جمعناها بشق…
-
الميزان والعدالة..وبلادنا المعطاء
قبل بداية هذه التدوينة، أود إحاطة القارئ الكريم علماً بأنّي لا أؤمن بالأبراج ومايسمّونه زوراً بعلم الفلك المُعتمد على الخُرافة. أؤمن بالمجاز، وأحبّ أن أُفسّر بعض أحداث الحياة، بدلالات الطقس مجازاً. ولموسم الميزان في بلادنا عندي دلالة الاعتدال، ومظاهر الحياة فيه تعتدل حقيقةً ومجازاً. فبعد غضب الصيف وحرارته وتطرفه المؤذي؛ تعود الناس للخروج والتعرُض للشمس،…
-
قُصاصات على هامش رحيل الصيف..
العالم من ثُقب سنارة أترك خلف ظهري هوايات كثيرة، محملة بالشعور بالذنب حيال إهمالها أوقات انشغالي، وما إن أعدد تلك الهوايات حتى أُدرِك ارتباط معظمها بالطقس، وأن ما سيأتي بها هو قدوم الخريف.. باريس، ٢٠٢٢ افتقاد المدن.. الأماكن.. لا الأشخاص أصحو مبكرةً وأسحب نفسي لإطار الالتزام عنوةً على سجادة التمرين.. أفتَحُ نافذتي وأُذكّر نفسي بأن…
-
الكتابة والمشي رأساً على عقِب..
منذ يومين حصلت على هدية رائعة وبسيطة، عبارة عن دفتر ملاحظات حجمه لا يكبر يدي بكثير، فرحت به كثيراً، لأنّي أنوي العودة إلى الاستعانة بالورق للعودة إلى التدوين. وفي الأيام القليلة الماضية، خُضت تجربة الكتابة وسط جمعٍ من الناس، أو بصيغة أكثر دقةً “وسط الجموع”، كانت تجربةً استثنائية، أن أكتُبَ وسطَ الضجيج، أن أُركز في…
-
الحنين الخريفي.. والشاشة الذكيّة
ما إن يستعد النصف الشمالي للكرة الأرضية لاستقبال الخريف، حتى يبدأ شعوري بالحنين في التصاعد، صباح بعد صباح ومساء بعد مساء، وتزداد حدّته أحياناً عند الفجر.. في هذه الأيام يصيبني الحنين إلى باريس.. أيام باريس.. شوارعها.. ميادينها.. والقطع الفنّية التي تتخذ من شوارعها محلّ إقامةٍ لها.. أفتقد خريف باريس الذي يجعل منها لوحةً فنّية بحلّة…
-
اختصار العُمر بلحظات..
“ليتني أختصِرُ العُمرَ اختصاراً..” في بداية العام ٢٠١٥ تعرفت على قصيدة الغد لإبراهيم ناجي، بدأ ذلك العام بشتاء بارد جداً، لم يختفي أثره إلى نهايات فبراير، وطوال فترة الشتاء تلك كنتُ أستمع إلى القصيدة مغناة بصوت الفنانة اللبنانية/ المصرية سعاد محمد؛ تارةً، وأقرأها تارةً أخرى.. طالَ استماعي إلى القصيدة، حتى قررت الحصول على نسخة تسجيل…